على تلك المباني المشار إليها سابقا ، صار في مقام التفتيش عن المدلول التصديقي لصيغة «افعل» ، و «لا تفعل» ، فقال إنّ صيغة «افعل» وضعت لإبراز اعتبار الفعل في ذمة المكلف ، و «لا تفعل» وضعت لإبراز اعتبار مغاير للأول ، كاعتبار كون المكلّف مصدودا ومردوعا عن الفعل.
وبذلك تكون الصيغتان عند السيد الخوئي «قده» متغايرتين ، لأنّ النهي عنده ليس اعتبار عدم الفعل في ذمة المكلف ليرجع إلى الأول ، وقد استشهد على هذا المطلب بما عليه أهل العدل من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ، حيث أنّ الأمر ينشأ من مصلحة في الفعل ، فيتعيّن حينئذ اعتبار الفعل في ذمة المكلف ، لأنّ الفعل هو مركز الأمر. وكذلك النّهي فإنّه ينشأ من مفسدة في الفعل ، فيتعيّن اعتبار كون المكلّف مصدودا ومزجورا عن الفعل ، لأنه مركز المفسدة ، لا أنّه يعتبر عدم الفعل وتركه على ذمته ، إذ ليس في عدم الفعل مصلحة ، وهنا نقاط :
النقطة الأولى ، هي : إنّ فرض كون صيغة الأمر «افعل» ، وصيغة النهي ، «لا تفعل» ، قد وضعتا لإبراز الاعتبار النفساني على عهدة المكلف ، فيكون مدلولا صيغة الأمر والنهي هو الاعتبار ، مثل هذا الفرض ، ينسجم مع مبنى السيد الخوئي «قده» في الوضع ، حيث يبني على أنّ الوضع ينتج دلالة وكشفا تصديقيا.
وقد عرفت في محلّه ، أنّ المدلول الوضعي للأمر ليس هو الاعتبار. نعم قد يستظهر كون الاعتبار مدلولا تصديقيا للظروف الحاليّة للمتكلم بدلالة سياقيّة ، وذلك لوضوح كون نظرية الاعتبار وما يلازمها ـ من فرض وعاء ذمة وعهدة للمكلّف ـ أمور معقدة ، لا تتناسب مع بساطة الدلالة الوضعية ، وأسبقيّة تصوّرها.
ولوضوح أن صيغة الأمر كما تصدر ممّن يملك اعتبار الفعل على العهدة ، كالمولى العالي ، فإنّها كذلك ، تصدر ممّن لا يملك اعتبار شيء أو جعله في عهدة المولى تعالى ، فنحن حينما نقول : «يا ربّنا اغفر لنا» ، لا