الطلب ، حينئذ نحتاج إلى توسيط عنصر ثالث ومعنى آخر ، غير مفاد الهيئة والمادة في مدلول النهي.
فمثلا لو قلنا : بأن مفهوم «لا تفعل» يحمل مفهوم «افعل» ، وهو الطلب ، إذن فيكون مفهوم «لا تفعل» هو التحريك نحو الفعل كما يكون مفهوم «افعل» هو التحريك نحو مدلول المادة. وهذا خلف ، إذ إننا نريد في «لا تفعل» ، الزجر والردع وعدم الفعل. إذن فنحتاج إلى ضم مفهوم الترك إلى جانب مفهوم «لا تفعل» ، حينئذ وهذا هو العنصر الثالث الذي يضطر أصحاب هذه النظرية إلى إدخاله ، وهو الترك. وهذا العنصر لا يمكن إدخاله إلى مدلول المادة ، لأن مدلول المادة هو الطبيعة ، وهي لم يؤخذ فيها لا الوجود ولا العدم ، وإنما تصلح أن تكون مرآة لأفرادها الموجودة دون المعدومة.
إذن كيف يؤخذ الترك في مدلول المادة؟
وبعبارة أخرى ، كيف يؤخذ المفهوم العدمي في المدلول الوجودي للمادة؟.
وهذه مشكلة تنشأ من فرضيّة إرجاع مدلول صيغة النهي إلى مدلول صيغة الأمر. وحينئذ يكون أصحاب هذه النظرية بين أمرين :
فهم إمّا أن يفرضوا دالا مستقلا ثالثا غريبا عن الهيئة والمادة يدل على هذا العنصر الجديد ، يكون وراء الهيئة والمادة ، والمفروض عدمه.
وإمّا أن يأخذوا هذا الدال الثالث ، وهو «الترك» ، في مدلول أحد الدالين : إمّا الدال على المادة ، وإمّا الدال على الهيئة.
فإن أخذ الترك في مدلول الدال على المادة ، فهذا معناه استعمال لفظ الصلاة ، أي : صلّ ، في الترك ، وهو واضح البطلان حتى مجازا لعدم العلقة بينهما.
وإن أخذ الترك ـ الذي هو العنصر الثالث ـ في مدلول الدال على