«قده» ، إذ ليس الميزان الفني في استفادة البدلية أو الشمولية ، هو عدم معقوليّة الآخر.
وذلك ببرهان ، أنه في كثير من الموارد يكون كل من الشموليّة والبدليّة معقولا ، ورغم ذلك ، لا شك أنّ الفهم العرفي يقتضي تعيين واحد منهما ، وذلك كما في موضوعات الأوامر ، دون متعلقاتها. فمثلا حينما يقول : «أكرم العالم» ، فإنّه بالنسبة إلى الموضوع ، وهو العالم ، لا إشكال في كون الإطلاق فيه شموليا ، والحكم فيه ثابت لكل فرد من أفراد طبيعة العالم ، مع أنه لا إشكال ولا لغوية في كون الإطلاق بدليا بمعنى أنّه لا يجب إكرامه بكل أشكال الإكرام ، أو إنه يجب إكرام عالم «ما» فقط ، وإن كان الإطلاق بجانب العالم شموليا. إذن فكل من الشموليّة والبدلية معقوليّته على حد واحد.
ففرق ، بين أكرم «العالم أو العلماء ، أو عالما».
أمّا حين يقول «العالم أو العلماء» ، هنا نستفيد الإطلاق الشمولي ، فينحل إلى عدد العلماء.
فمثلا ، كلمة مسجد ، في قوله «طهّر المسجد» ، إطلاقها شمولي ، بينما بحسب مقام الثبوت ، الشموليّة والبدلية فيها ، كلاهما معقول ، إذ يعقل أن يأمر بتطهير مسجد واحد لا بعينه ، كما يمكنه أن يأمر بتطهير جميع المساجد.
فاستفادة الشمول هنا ، لم تكن باعتبار أداة العموم ، بل بحسب الإطلاق ومقدمات الحكمة ، ومع هذا ثبت أنّه إطلاق شمولي ، وإن كان الإطلاق البدلي معقولا أيضا.
وهذا يبرهن على أنّه وراء استحالة البدليّة في مورد أو الشموليّة في مورد آخر ، نكتة ، هي التي تقتضي أن يكون الكلام شموليا أو يكون بدليا.