ليقال : إنّ الغالب كون المفسدة انحلاليّة ، فيصير ذلك قرينة على ما ذكر.
وهذا الاعتراض غير تام ، وذلك لأنّ كلامنا في الظهور العرفي اللغوي للكلمة ، بينما النزاع بين «الأشاعرة» «والإمامية» في التبعية نزاع ثبوتيّ في الأحكام الشرعيّة خاصّة.
ومن الواضح أنّ «الأشاعرة» وإن كانوا ينكرون ذلك في أحكام الله تعالى ، فهم لا ينكرون تبعيّة نواهي الناس للمفسدة ، وهذا كاف في تماميّة القرينة المدّعاة ، لأنّ محل كلامنا ، هو نواهي الناس ، وكون المفسدة هي ملاك هذا النهي في كل فرد من أفراد الطبيعة ، سواء أكانت هذه المفسدة ملاكا في كلام المكلّف ، أو المولى ، إذ لا ربط لهذا البحث ، ببحث التبعية بين «الأشاعرة» و «الإماميّة» لا سيّما ونحن في مقام تأسيس ظهور عرفي ، إذ المدّعى غلبة انحلاليّة «المفسدة» ، ملاك النواهي العرفية لا الشرعيّة ، وغلبة انحلال هذه المفسدة تستوجب الظهور العرفي في النهي ، وبذلك يكون هذا الظهور حجة لو صدر هذا النهي من الشارع أيضا.
وبهذا يظهر الفرق بين الأوامر والنواهي ، لأنّ الأمر يسقط بالعصيان أو الامتثال لما قلناه ، بينما النهي خلاف ذلك ، فإنّه لا يسقط بالعصيان مرة وذلك لما قلناه من جهة تعدّد الحرمة والنهي ، وظهور غلبة المفسدة وانحلال الملاك فيه.
٢ ـ الاعتراض الثاني ، هو : انّ المفروض ، أنّا لا نعلم بملاكات المولى ، إلّا عن طريق خطاباته ، حيث نستكشف انحلالية ملاكاته بانحلالية خطاباته ، ومعه لا يعرف أنّ الملاك وهو «المفسدة» ـ كما في محل الكلام ـ انحلالي ، إلّا إذا علمنا بانحلالية الخطاب.
وعليه فكيف يحكم بانحلالية الخطاب لانحلاليّة الملاك؟ إذ لازم ذلك هو الدور.
وهذا الاعتراض قد اتضح دفعه من جواب الاعتراض الأول ، إذ إنّنا لا ندّعي انحلال ملاكات الشارع ليرد هذا الاعتراض ، بل المدّعى هو انحلاليّة ملاكات النواهي العرفية ـ نواهي الناس ـ لا الشرعيّة ، لأنّ الغالب نشوء