الخارجي إنما يكون محفوظا في حالة الامتثال فقط ، بينما لا يكون محفوظا في حالة العصيان لعدم تحققه ، أو تحقق شيء من مصاديقه في الخارج ، وبهذا يثبت أنّ معروض الأمر ومتعلقه هو الوجود الذهني ، لا الخارجي.
٢ ـ البرهان الثاني : هو إنّ الأمر بالصلاة مثلا ، لو كان عارضا على الوجود الخارجي للصلاة ، لكان الأمر متأخرا عن وجودها الخارجي ، مع أن وجود الصلاة في الخارج متأخر رتبة عن الأمر بها ، إذ إنّ الصلاة إنما توجد خارجا بسبب الأمر بها ، فالأمر من مبادئ وجودها في الخارج ، ومعه لا يعقل أن يكون الوجود الخارجي لها معروضا للأمر ، وإلّا لزم الدور كما هو واضح. وهذا معنى ما يقال : من أن العليّة تنافي العروض ، إذ إنّ كون الأمر علة لوجود الصلاة خارجا ، ينافي مع كون الأمر عرضا من أعراض هذا الوجود للصلاة.
وقد أجاب المحقق الأصفهاني «قده» (١) عن هذا البرهان بما حاصله : إنّ ما هو عارض على وجود الصلاة إنما هو الأمر بوجوده الواقعي. وأمّا ما هو علة لوجودها فهو الأمر بوجوده العلمي ، أي : علم المكلف بالأمر ، لأنّ العلة في إيقاع الصلاة هو علم المكلف بالأمر لا مجرد وجود الأمر واقعا وتقديرا ، وإن لم يعلم به المكلف.
والخلاصة هي : إنّ العارض على الوجود الخارجي للصلاة ، إنما هو الأمر الواقعي ، وما يكون علة للوجود الخارجي إنّما هو الأمر بوجوده العلمي. إذن ، فاختلف ما هو العلة والمتقدم عمّا هو العارض المتأخر ، فلا دور.
الّا أنّ هذا الجواب غير تام : وذلك لأنّه إذا كان الأمر بوجوده الواقعي عارضا ومتأخرا عن الوجود الخارجي للصلاة ، إذن فيستحيل أن يكون العالم
__________________
(١) نهاية الدراية ـ الأصفهاني : ج ٢ ص ٩٨ ـ المطبعة العلمية ـ رقم ١٣٧٩ ـ ١٣٣٨.