إلى الماهيّة ، وإنما يتمحض نظره بالوجود الذهني ، والوجود الذهني متعدّد. إذن فهو في هذه الحالة يرى شيئين ، إلّا أنّ هذا المرئي ، المتعدّد لا يجدي في جواز الاجتماع ، لأنّ الحب إنما يتعلق بالصورة الذهنية بالنظر التصوري لا التصديقي. وبالنظر التصوري سوف نرى شيئا واحدا ، لأنّ الحب إنّما يتعلق بالوجود الذهني بما هو عين الموجود خارجا. والحال إنّ الموجود خارجا إنما هو ماهيّة واحدة. إذن فبالنظر التصديقي نرى شيئين ، لكن ذلك لا يجدي في جواز الاجتماع ، وذلك لعدم تعلق الحب بالصورة الذهنية المنظور إليها بالنظر التصديقي ، والصورة الذهنية بالنظر التصوري وإن تعلّق بها الحب ، إلّا أنه بهذا النظر نرى شيئا واحدا لا شيئين ، ومعه لا يجوز الاجتماع. وعليه فلا ينبغي أن يجعل ميزان جواز الاجتماع هو تعدد الوجود الذهني مطلقا ، بل الميزان هو تعدّده بالنظر التصوري ، وقد عرفت أنه غير متعدّد بهذا النظر ، وبذلك تبطل هذه الدعوى.
وإن شئت قلت : إنّ الوجودات الذهنية هي باللحاظ التصوري ـ الذي هو الحمل الأوّلي ـ هي عين الوجود الخارجي الملحوظ بها.
والوجودات الذهنية هي باللحاظ والنظر التصديقي ـ الذي هو الحمل الشائع الصناعي ـ تكون مباينة للوجود الخارجي الملحوظ بها ، وفاقدة لخصائصه وأحكامه ، كما في الماء الموجود في الذهن ، فإنّه بالنظر التصديقي صورة ذهنية للماء ، دون أن يروي عطشا ، أو يبرّد غليلا.
بينما هذا الوجود الذهني للماء بالنظر التصوري ، يمكن أن نحمل عليه محموله بالحمل الأولي فنقول : هذا ماء سائل بارد بالطبع ، وهو بهذا المنظار سوف يحب العطشان هذه الصورة الذهنية كما أنّ الحكم بمبادئه يتعلق بهذه الصورة الذهنية بحسب النظر التصوري ، لا بالنظر التصديقي ، لأنّه لا حقيقة له في مرحلة التصديق ، لأنّه لا يوجد في الذهن ماء ولا سائل بارد بالطبع ، ولذلك لا يكون مطلوبا ولا محبوبا في مرحلة التصديق ، وإنّما المطلوب والمحبوب والمحرك نحو الخارج هو المنظور التصوري.