وحينئذ يكون تعدّد الوجود الذهني لمتعلق الأمر والنّهي رافعا لمحذور التّضاد ، فيجوز الاجتماع.
ولا يخفى أنّ هذه الدعوى لو تمّت لاقتضت جواز الاجتماع في صورة تعدّد الوجود الذهني لمتعلّق الأمر والنهي ، حتى ولو كان العنوان واحدا.
ومن هنا كانت هذه الدعوى. دعوى متطرفة في الجواز.
إلّا أنّ هذه الدعوى غير صحيحة ، فأنّ الأحكام ، وإن كانت متعلقة وعارضة على الوجودات الذهنية ، إلّا أنّه مع ذلك لا تتم هذه الدعوى.
وتوضيح ذلك ، هو : إنّ الوجودات الذهنية في نفس المولى لها اعتباران ولحاظان :
أحدهما : لحاظ بالحمل الأولي ، وهو لحاظ تصوري.
والثاني : لحاظ بالحمل الشائع ، وهو لحاظ تصديقي ، فمثلا العطشان حينما يحب الماء ، فإن حبّه هذا إنما يكون قائما بالصورة الذهنية للماء ، لا بالوجود الخارجي له ، إذ قد لا يكون له وجود خارجي أصلا.
وهذه الصورة الذهنية التي تعلق بها الحب :
تارة ينظر إليها بالنظر التصديقي فنحمل عليها محمولاتها بالحمل الشائع ، فيقال : هذه صورة ذهنية للماء لا تروي من العطش ولا تبرّد الغليل ، وبهذا النظر سوف لن يحب العطشان هذه الصورة الذهنية للماء.
وأخرى ينظر إلى هذه الصورة الذهنية بالنظر التصوري ، فنحمل عليها محمولاتها بالحمل الأوّلي فنقول : هذا ماء سائل بارد بالطبع. وبهذا المنظار سوف يحب العطشان هذه الصورة الذهنية ، إلّا أنّ هذا نظر تصوري لا حقيقة له في مرحلة التصديق ، لأنه لا يوجد في الذهن ماء سائل بارد بالطبع.
إذا عرفت ذلك فنقول : إذا تحقّق في الذهن وجودان لماهيّة واحدة ، فبالنظر التصديقي نرى شيئين لا شيئا واحدا ، إذ إنّ النظر التصديقي لا ينظر