وإذا كان الأمر كذلك ، فيدخل هنا تحت التحفظ الثالث الذي قلنا إنّه كلما كان هناك محور مشترك بين العنوانين ، فلا يتم فيه الملاك الثاني ، وإن تعدد العنوان ، وكذلك الملاك الثالث للجواز ، لأنّه بلحاظ ذلك المحور المشترك ، سوف يجتمع الأمر والنّهي على عنوان واحد ، فلا يصح الاجتماع ، إذن ففي المقام لم يصدق كلا الملاكين.
نعم هناك مورد واحد يصدق فيه ملاكنا ، ولا يصدق فيه ملاك الميرزا «قده» ، وهو ما لو تعلق الأمر بعنوان حيثية الجنس ، وتعلق النّهي بعنوان حيثية الفصل. ففي مثل ذلك يصدق ملاكنا لأنّ الجنس والفصل ، وإن كانا موجودين بوجود واحد خارجا ، إلّا أنّ الذهن يمكنه تحليل هذه الماهية الواحدة ، فينتزع عنوانا من حيثية جنسها ، وعنوانا آخر من حيثية فصلها ، فيتعدد العنوان ، ومعه يصح الاجتماع ، بناء على ملاكنا. ومثاله : ما لو أمر المولى برسم خط ، ونهى عن إيجاد الانحناء. فلو أوجد المكلف خطا منحنيا ، أمكن فيه اجتماع الأمر والنّهي ، لأنّ الخط المنحني نوع من الخط ، وجنسه الخط ، وفصله الانحناء ، فهو وإن كان موجودا واحدا في الخارج ، إلّا أنّ الذهن يحلّله كما تقدم ، ومع كون الانحناء «الفصل» من المبادئ بالنسبة إلى الخط «الجنس» وليس بينهما محور مشترك ، إذن فيكون العنوان متعددا فيجوز الاجتماع ، ومعه يصدق ملاكنا.
وأمّا عدم صدق ملاك الميرزا «قده» ، «الملاك الثالث» فلأنّ خارجيّة الجنس والفصل ليست مستقلة بإزاء كل منهما مستقلا بنفسه ، وإنما خارجيتهما بوجودهما معا ضمن ماهية واحدة لها وجود واحد في الخارج فهما جزءا ماهيّة ، فوجودهما واحد لأنّ التركيب بينهما اتحادي ، ومعه يكون المعنون واحدا ، لا متعددا ، إذ ليس ما بإزاء الخط وجود خارجي مغاير للوجود الخارجي الذي بإزاء عنوان الانحناء ، وذلك كما في مثال ما لو رسم المكلف خطا منحنيا ، ولهذا اشترطنا في صحة هذا الملاك ، كون العنوانين عرضيّين ، وليسا طوليّين ، كما في الجنس ، والنوع ، والفصل ، لأنّ الفصل متمّم للجنس ، وفي طوله.