يعقل ثبوتهما معا ، كما هو مقتضى القول بجواز الاجتماع ، لأنّ معناه ، ثبوت أحد الحكمين بلا ملاك ، كما أنّه لا يعقل التزاحم بين مقتضيهما ، لأنّه فرع ثبوت الملاكين. وعليه : فلا تدخل المسألة في باب الاجتماع وعدمه.
وأمّا إذا فرض كون المجمع واجدا لكلا ملاكيّ الأمر والنّهي ، فحينئذ تدخل المسألة في باب الاجتماع.
فإن قلنا بالجواز فمعنى ذلك ، أنّ الملاكين يؤثران معا ، ويجتمع الوجوب والحرمة تمسكا بإطلاق دليلهما وإن قلنا بالامتناع ، فحينئذ تدخل المسألة في باب التزاحم بين الملاكين والاقتضاءين ، دون أن يقع التعارض بينهما ، لأنّ الملاكات مفروضة الوجود.
وعليه : فلا بدّ من فرض ثبوت الملاكين في المجمع ، كي تدخل المسألة في باب الاجتماع وعدمه.
هذا خلاصة ما ذكره في «الكفاية» ، من دون أن يستدل عليه بشيء ، وسوف يتوضح من خلال التعليق عليه ، ما يمكن أن يكون دليلا على مدّعاه.
وقد اعترض غير واحد من المحققين ، كالمحقق النائيني «قده» (١) على هذا الكلام ، فذكر ما حاصله :
إنّ مرجع ما ذكره المحقق الخراساني «قده» هو إلى ابتناء مسألة الاجتماع على مسألة تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها. إذ بناء على ذلك ، لا بدّ أن يكون المجمع واجدا لكلا الملاكين ، وأمّا إذا لم يكن واجدا لهما ، فمعنى ذلك هو عدم تبعيّة الأحكام لذلك ، كما يقول بذلك (الأشعري) ، والصحيح أنه لا وجه لدعوى ابتناء مسألة الاجتماع على ذلك ،
__________________
(١) أجود التقريرات ـ الخوئي : ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ـ فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٥٦.