والرابع : هو مدلول التزامي للثاني وهو إنّ نقيض ترك الصلاة الذي هو الصلاة ، غير واجد لمبادئ الطلب. وبعد هذه المقدمة قال :
إنه تارة يرد دليلان متعارضان على موضوع واحد من قبيل : «صلّ ولا تصل».
وتارة أخرى ، يرد دليلان متعارضان بنحو العموم من وجه ، من قبيل : «صلّ ولا تغصب».
وحينئذ لا بدّ من معالجة هذين الموردين على ضوء هذه المقدمة.
أمّا المورد الأول ، وهو ما لو ورد «صلّ ، ولا تصلّ» ، فهنا قال المحقق العراقي :
إنّ بابه باب التعارض البحت ، ولا يمكن إثبات الملاكين معا ، ليكون داخلا في باب التزاحم.
والوجه في ذلك هو ، إنّ دليل «صلّ» وإن كان دالا بالملازمة على وجدان الصلاة لمبادئ الطلب ، وهي المحبوبيّة التي هو المدلول الثالث له ، إلا أنّ خطاب «لا تصلّ» ، كما يكذّب خطاب «صلّ» ، بلحاظ مدلوله الأول ، وهو فعليّة طلب الصلاة الذي هو مدلول مطابقي «لصلّ» ، كذلك يكذّبه بلحاظ مدلوله الالتزامي الثالث ، وهو كون الصلاة واجدة لمبادئ الطلب لأن المدلول الرابع لخطاب لا تصل هو إن نقيض عدم الصلاة. وهو الصلاة غير واجد لمبادئ الطلب فيكون بذلك مكذبا للمدلول الثالث لخطاب صلّ ، وهو كون الصلاة واجدة لمبادئ الطلب.
وبعبارة أخرى : يقال : كما أنّ الدليلين يتكاذبان بلحاظ مدلولهما المطابقي كما تقدم ، فكذلك يتكاذبان بلحاظ مدلوليهما الالتزامي الرابع والثالث في كل منهما ، لأنّ الرابع في كل واحد منهما يدل على أنّ نقيض مادته ليس واجدا لمبادئ الطلب ، ونقيض مادة كل منهما هو عين مادة الآخر ، والثالث في كل منهما يدل على أنّ مادته واجدة لمبادئ الطلب ، وبذلك يقع التكاذب ، ولهذا يقع التعارض بين الخطابين.