وقد حاول المحقق العراقي «قده» (١). أيضا ، إثبات كلا الملاكين في المجمع بالدلالة الالتزامية ، كما فعل المحقق الأصفهاني «قده» ، إلّا أنّه كأنه التفت إلى ورود النقض على ما ذكره الأصفهاني «قده» ، فحاول إثبات مراده ببيان آخر ، حيث لا يرد عليه مثل هذا النقض الذي ورد على الأصفهاني «قده». فقدّم على بيان مراده مقدمة حاصلها :
إنّ كلّ خطاب يتكفّل طلب الفعل ، كما في «صلّ» ، فإنّه يدل بالمطابقة على طالب المادة المأخوذة فيه وهي الصلاة ، ويدل بالالتزام على الردع عن نقيضها وهو ترك الصلاة ـ بناء على أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده العام ـ وطلب المادة يكشف إنّيا عن وجود مبادئ الطلب في تلك المادة ، وإلّا لما طلبها ، كما أنّ الردع عن نقيض المادة ، يكشف إنّيا عن عدم وجود مبادئ الطلب في هذا النقيض ، وإلّا لما ردع عنه ، وبذلك يكون لدليل «صلّ» أربعة مداليل : الأول : طلب المادة ، وهي الصلاة ، الثاني : الردع عن ترك الصلاة ، الثالث : وهو مدلول التزامي للمدلول الأول ، وهو إنّ الصلاة التي طلبت ، واجدة لمبادئ الطلب. الرابع : هو : مدلول التزامي للمدلول الثاني ، وهو إنّ نقيض الصلاة ، وهو تركها الذي ردع عنه ، غير واجد لمبادئ الطلب وكذلك يقال فيما لو كان الخطاب متكفلا للردع عن الفعل كما في قوله لا تصلّ.
فيكون ذا مداليل أربعة على غرار ما ذكر أولا :
فالمدلول الأول هو : طلب ترك الصلاة.
والثاني : هو الرّدع عن نقيض ترك الصلاة ، وهو الصلاة.
الثالث : وهو مدلول التزامي للأول ، وهو إنّ الردع عن الصلاة واجد لمبادئ الطلب.
__________________
(١) مقالات الأصول ـ العراقي : ج ١ ـ ص ١٣٠ ـ ١٣١ المطبعة العلمية في النجف الأشرف ١٣٥٨ ه.