إلّا أن هذا الطريق غير تام أيضا :
أمّا أولا : فلأنّ هذا البيان إنّما يتم فيما إذا كان المحذور يقتضي تقييد الوجوب ، أي : إطلاق الهيئة كما في موارد العجز ونحوه ، وليس في المقام الذي يكون المحذور راجعا إلى مدلول المادة مع بقاء الهيئة على إطلاقها ، إذ إنّ المحال هنا إطلاق الواجب للفرد المحرّم بحسب الفرض. إذن ففي محل الكلام لا يتم هذا البيان ، لأنّه لو فرض وجود مندوحة عن الصلاة في الغصب ، ففي مثل ذلك لا موجب لتقييد الوجوب بناء على الامتناع ، لأنّ الوجوب ثابت على كل حال في هذه الصورة ، ولكن لا بدّ من تقييد الصلاة ، وهي الواجب بخصوص الحصة المباحة. إذن فانصبّ التقييد هنا ابتداء على المادة ، ومعه لا يمكن إثبات ملاك الصلاة.
وأمّا ثانيا : فلو فرض أنّ التقييد بالقدرة منصبّ على الهيئة ، أي : الوجوب ، وأمّا الواجب فهو مطلق الفعل حتى الصادر في حالة العجز ، وسلّمنا أيضا بأنّ قيود الهيئة لا ترجع إلى المادة ، فلو سلّم ذلك كله ، فإنّه لا ينفع في إثبات وجدانية الصلاة لملاكها ، وذلك لما ذكرناه سابقا من أن القيود الدخيلة في المصلحة على نحوين :
الأول : ما يكون دخيلا في أصل اتصاف الفعل بكونه ذا مصلحة ، كالاستطاعة بالنسبة للحج ، ومثل هذه القيود تؤخذ في جانب الوجوب.
الثاني : هو ما يكون دخيلا في ترتب المصلحة خارجا ، كالطهارة بالنسبة للصلاة ، ومثل هذه القيود تؤخذ في جانب الواجب.
وعليه : فإطلاق المادة ، غاية ما يقتضيه ، هو نفي وجود قيد دخيل في ترتب المصلحة. وأمّا القيود الدخيلة في أصل الاتصاف فلا ينفيها ، حيث أنّها تؤخذ في الوجوب وهو مفاد الهيئة ، فمثل هذه القيود لا يمكن نفيها به ، بل إنّ الوجوب مقيّد لا محالة بعدم العجز ، والنسيان ، ووجود حكم مضاد ، بناء على الامتناع ، ونحو ذلك. فإذا لم يكن إطلاق المادة نافيا لمثل هذه