عباديا ، لأنه مبغوض ، ومعه لا يمكن التقرب به. وأمّا إذا لم يكن عباديا ، بل كان توصليا ، فإن أحرز ملاكه فيصح ، لأنّ التّوصلي لا يحتاج إلى قصد القربة ، وأمّا إذا لم يحرز الملاك ، فيبطل.
وأمّا إذا فرض عدم العلم بالنّهي ، فحينئذ : قد يقال : بأنّ الامتثال بالمجمع يقع صحيحا ولو كان عباديا ، كما ذهب إليه المشهور ، حيث حكموا بصحة الصلاة في الدار المغصوبة مع الجهل بالغصب ، أو بحكمه.
وهذا الحكم منهم صار سببا للإشكال الذي طرحه صاحب الكفاية «قده» (١) والذي حاصله هو :
إنّه إذا قلنا بجواز اجتماع الأمر والنّهي ، ينبغي أن يلتزم بصحة الصلاة حتى مع العلم بالغصبية وبحكمه ، باعتبار وجود أمر بالصلاة.
وإن قلنا بامتناع الاجتماع ينبغي أن يقال ببطلان الصلاة حتى مع الجهل بالغصبيّة ، باعتبار وقوع التعارض بين الدليلين ، فإذا قدّم جانب النّهي فلا بدّ من وقوع الصلاة باطلة ، وعليه فلا حاجة لما ذكره المشهور من الحكم بصحة الصلاة في الدار المغصوبة مع الجهل بالغصب ، أو بحكمه ، والحكم ببطلانها مع العلم بذلك.
وفي مقام توجيه حكم المشهور يذكر عدة وجوه :
ـ الوجه الأول : هو ما أشير إليه في كلمات صاحب الكفاية (٢) وهو متوقف على مقدمتين :
أ ـ المقدمة الأولى ، هي : إنّ التّضاد بين الأحكام إنّما هو في مرحلة فعليّتها ، لا بمرحلة واقعها ووجودها الإنشائي.
ب ـ المقدمة الثانية ، هي : إنّ فعليّة الحكم تتوقف على وصوله ، بمعنى العلم به ، حيث يكون باعثا ، ومحركا ، ومانعا ، وزاجرا بالفعل.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ المشكيني : ج ١ ـ ص ٢٤٩.
(٢) كفاية الأصول ـ مشكيني : ج ـ ص ٢٤٩.