وكذلك ينقض هذا الوجه ، بأنّ مقتضاه ، هو جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة ، فيقال : بأنّه إنّما ترفع اليد عن العام بمقدار ما يكون حكم العام مضادا مع حكم الخاص ، والخاص إنّما يضاد العام إذا كان الخاص فعليا ، ومقتضى ذلك ، جواز التمسك بالعام في الموارد التي يشك في انطباق الخاص عليها ، ومن جهة الشبهة المصداقية ، لأنّ الخاص ليس فعليا بالنسبة لهذه الموارد ، مع أنّ التمسك بالعام في الشبهة المصداقيّة لم يلتزم به.
وأمّا حلّا ، فهو : إنّه إن كان مراد صاحب «الكفاية» بالفعلية التي أناط بها التضاد والتمانع بين الأحكام ، إن أريد بها الفعليّة بمعنى التنجّز كما أفيد في المقدمة الثانية ، فهو صحيح لأنّ التنجز فرع الوصول والعلم ، إلّا أنّ المقدمة الأولى حينئذ لا تكون صحيحة ، لأنّ التمانع بين الأحكام ، إنما هو أيضا باعتبار مبادئها من المصلحة والمفسدة ، والحب والبغض ، فلا يختص التمانع بين الأحكام بمرحلة الوصول والعلم بها ، بل قبل هذه المرحلة أيضا يوجد تضاد بينها بلحاظ مرتبة مبادئها ، كما مرّ سابقا ، وهذا لا ربط له بمرحلة التنجز.
وإن أريد بالفعليّة ، المرحلة إلى تكون قبل التنجز ، وهي ما يقابل الإنشائية ، أي كون التنجز على طبق اللفظ المنشأ من قبل الإرادة والكراهة الحقيقيتين للمولى ، فحينئذ تكون المقدمة الأولى صحيحة ، لأنّ هذه الفعلية هي مناط التضاد والتمانع ، إلّا أنّ المقدمة الثانية غير صحيحة ، لأنّ الفعلية بهذا المعنى ليست منوطة بالوصول والعلم ، بل هي منوطة بتماميّة موضوع الحكم واقعا ، سواء علم ، أو لم يعلم.
ـ الوجه الثاني : في توجيه فتوى المشهور ، هو : ما يستفاد أيضا من كلمات صاحب الكفاية «قده» (١) ، لكن لا بنحو التبنّي ، بل بنحو الإشارة ، وحاصله :
__________________
(١) نفس المصدر : ص ٢٤٧.