وصول المصلحة والمفسدة ، مع أنّ المصالح والمفاسد تعلم من قبل الأحكام ، لا إنّها تعلم من قبلها.
وإن شئت قلت : إنّه يرد عليه ثالثا ، عدم صحة المبنى ، فإنّ الأحكام ليست تابعة للمصالح والمفاسد ، بما هي مؤثرة في الحسن والقبح العقليّين ، بل الدليل قام على عدمه.
نعم قام الدليل على تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد الواقعية ، وإلّا لو التزم بما ذكره في «الكفاية» للزم توقف تلك الأحكام على وصول تلك المصالح والمفاسد ، ومعرفة المكلفين بحيثياتها ، مع أنّ تلك المصالح والمفاسد لا تعلم إلّا في طول فعليّة الأحكام والعلم بها.
ـ الوجه الثالث في توجيه فتوى المشهور ، وهو : قد ذكر في «الكفاية» أيضا ، وهو مبني على أصل موضوعي ، وحاصله ، هو : إنّه في موارد اجتماع الأمر والنّهي يكون المجمع واجدا لكلا ملاكيّ الوجوب والحرمة ، أي : إنّه يكون ملاك كل من الحكمين فعليا فيه ، ويكون التمانع بين الحكمين. وبناء على هذا المبنى الذي افترضه أصلا موضوعيا لبحث الاجتماع يقال :
إنّ المكلف إذا كان عالما بالغصبية وبحرمتها ، فتقع الصلاة حينئذ باطلة ، لأنّها وإن كانت واجدة للملاك ، إلّا أنّه باعتبار تنجّز الحرمة ، تقع الحركة الصلاتية قبيحة ، فتكون مبعدة ، وفي هذه الحالة لا يمكن التقرب بها ، فتقع باطلة.
وأمّا مع عدم العلم بالحرمة : فتقع الصلاة صحيحة ، لإمكان التقرب بها حينئذ ، والمفروض أنّها واجدة لملاكها أيضا ، ولا يعتبر في صحة العبادة أكثر من ذلك (١).
وقد اعترض السيد الخوئي على هذا الوجه : بأنّ صحة التقرب بالفعل
__________________
(١) نفس المصدر.