ومرجع هذا الشك إلى دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، باعتبار رجوع هذا الشك إلى أنّ الملاك هل هو قائم بالمقيّد ، أي : بخصوص الصلاة التي تكون في المكان المباح ، وهو الأكثر ، أو إنّه قائم بمطلق الصلاة ، وإن كانت في مغصوب لا يعلمه ، وهو الأقل وفي مثله تجري أصالة البراءة عن القيد الزائد ، ومعه يحكم بعدم وجوب الصلاة إذا وقعت في المكان المغصوب حال جهل المكلف بذلك ، وبهذا تثبت صحة الصلاة حينئذ.
هذا إذا لاحظنا عالم الملاك.
وأمّا إذا لاحظنا عالم الخطاب : وهو قوله ، «صلّ» ، فكذلك مقتضى الأصل هو عدم وجوب الإعادة.
وذلك لأنّ الصلاة في المغصوب ، إن كانت وافية بالملاك واقعا ، فيسقط الوجوب ، وإن لم يكن مصداقا للواجب بناء على القول بالامتناع ، وكل ما يسقط الوجوب يكون الوجوب حينئذ مقيدا بعدمه.
وأمّا إذا لم تكن وافية بالملاك ، فلا تسقط الوجوب ، وحينئذ فلا يكون عدم هذه الصلاة قيدا في الوجوب.
وهذا معناه : إنّ الشك يرجع إلى أنّ وجوب الصلاة هل هو مطلق ، أو مقيد بعدم الصلاة في المغصوب. ومرجع هذا إلى الشك في أنّ وجوب الصلاة هل هو ثابت على كل تقدير ، أي : حتى لو أتى بها في المغصوب ، أو إنّه ثابت في حال مخصوص ، وهو حال عدم الإتيان بها في المغصوب ، فيدور الأمر بين وجوب الأقل والأكثر ، فتجري البراءة عن وجوب الأكثر ، وهو وجوبها على كل تقدير. ومقتضى هذا الأصل هو صحة الصلاة حينئذ.
وأمّا بالنسبة للافتراض الثالث : فهو لا يتناسب مع فتوى المشهور ، لأنّه قد فرض فيه قيام الدليل على عدم وفاء المجمع بالملاك ، ومعه ، تقع الصلاة باطلة في صورة العلم بالحرمة ، والجهل بها.
إلّا أنّه بالإمكان نفي هذا الافتراض الثالث ، وتعيين أحد الافتراضين