مثله يكون التعارض بين إطلاقين شموليّين ، وذلك لأنّ دليل «لا تغصب» ينفي أصل الوجوب حينئذ ، وذلك لأنّ الصلاة خارج الغصب غير ممكنة ، وفي الغصب حرام بمقتضى دليل «لا تغصب». وعليه : فلا بدّ من رفع اليد عن أصل الوجوب الذي هو مفاد هيئة «صلّ» ، وحينئذ فيكون التعارض بين إطلاق مادة «لا تغصب» ، وإطلاق هيئة «صلّ» ، وكلاهما شمولي ، ومعه لا يكون المقام صغرى للكبرى المذكورة.
ولكن هذا الاعتراض غير تام : وذلك لأنّ نفي أصل الوجوب ليس تقييدا زائدا في مفاد الهيئة ، ليتم ما ذكر ، وذلك لأنّ نفي أصل الوجوب ، باعتبار عدم القدرة في هذا الفرض. ومن الواضح أنّ دليل «صلّ» مشروط بالقدرة من أول الأمر ، فالتقييد الزائد إنما يتصور في مادة «صلّ» ، فيعود التعارض بين إطلاق مادة «صلّ» وهو بدلي ، وبين إطلاق مادة «لا تغصب» وهو شمولي ، إذن فالصحيح إنّ الصغرى المذكورة صحيحة لا إشكال فيها.
وأمّا الكلام في الكبرى ، وهي تقديم الإطلاق الشمولي على الإطلاق البدلي عند تعارضهما : فهذا أمر موكول إلى محله في بحث التعادل والتراجيح ، حيث نبين هناك عدم تمامية هذه الكبرى.
نعم في خصوص هذا المقام وأمثاله ، إذا بنينا على ما ذهب إليه الميرزا «قده» (١) ، من اختصاص الأمر بالحصة المقدورة ، فحينئذ لا بدّ من تقديم إطلاق مادة «لا تغصب» الذي هو شمولي ، على إطلاق مادة «صلّ» الذي هو بدليّ ، لكن هذا ليس باعتبار ما ذكر في الكبرى من لزوم تقديم الشمولي على البدلي عند تعارضهما ، بل من باب الحكومة ، أو الورود.
وبيان ذلك ، هو : إنّه إذا قلنا باختصاص الأمر بالحصة المقدورة ، إذن ، فيرجع قوله ، «صلّ» ، إلى قوله ، «صلّ» الصلاة المقدورة شرعا وعقلا والمفروض إنّ دليل «لا تغصب» يقتضي حرمة الصلاة في الغصب ، وبذلك
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٧٢.