يخرجها عن كونها مقدورة ، فتخرج حينئذ عن موضوع خطاب «صلّ» ، لأنّ موضوعه الصلاة المقدورة. فحينئذ لا بدّ من تقديم خطاب «لا تغصب» من باب أنّه يرفع موضوع خطاب «صلّ» بالنسبة إلى الصلاة في المغصوب.
وبهذا يتضح عدم تمامية هذا التقريب الأول لعدم تماميّة كبراه.
٢ ـ التقريب الثاني ، هو : إنّه كلما تعارض دليلان يتكفل أحدهما حكما إلزاميا ، والآخر حكما ترخيصيا ، بنحو العموم من وجه ، قدّم الإلزامي على الترخيصي ، كما لو ورد ، لا تغصب» ، وورد دليل على حليّة شرب الحليب ، وتعارض الدليلان في شرب الحليب المغصوب. ففي مثله ، يقدم دليل «لا تغصب» لأنّه إلزامي ، ومقتضاه : حرمة شرب الحليب المغصوب. فهذه كبرى تنطبق على محل الكلام ، لأنّ التعارض في مقامنا بين إطلاق دليل «لا تغصب» وهو الزامي ، وبين إطلاق دليل «صلّ» وهو ترخيصيّ ، لأنّ إطلاقه بدلي ، فيكون مرجعه إلى التخيير بين أفراد الصلاة من باب التوسعة ، وهذا في حقيقته حكم ترخيصي ، وحينئذ ، فيقدم دليل «لا تغصب» تطبيقا لتلك الكبرى.
والتحقيق في المقام هو : إنّ الكبرى صحيحة ، إلّا أنّ مقامنا ليس من صغرياتها.
ولتوضيح ذلك يقع الكلام في موردين :
أ ـ المورد الأول : في ملاك هذه الكبرى ، حيث نقول : إنّه لا تعارض بين دليل الحكم الإلزامي ، ودليل الحكم الترخيصي ، بل يعمل بهما معا ، ونتيجة ذلك هو الحكم بحرمة شرب الحليب المغصوب ، وذلك لأنّ كل دليل ترخيصي يدل على نفي الحرمة عن العنوان المرخص به ، كشرب الحليب ، ومعنى ذلك : إنّ شرب الحليب ليس من المحرمات الشرعية بعنوان كونه شرب حليب ، إلّا أنّ هذا لا ينافي طروّ عنوان عليه يجعله محرما ، كطروّ عنوان الغصب ، لأنّ الحرمة جعلت على عنوان الغصب ، ولا يكون ذلك منافيا للترخيص بعنوان شرب الحليب ، وفي مثله لا بدّ من العمل