وليس التضاد خاصا بالوجوب والحرمة فقط. فلو لم يجز الاجتماع ، لما جاز هنا في المقام.
والخلاصة هي : إنّه كيف يمكن أن تكون عبادة واحدة مأمورا بها وصحيحة ، ومع ذلك يكون منهيا عنها ، وتتصف بالكراهة؟.
وقد أورد الآخوند (١) على هذا البعض ، بأنّ هذه المشكلة كما تواجه القائلين بالامتناع ، فكذلك هي تواجه القائلين بالجواز ، لأنّ القائلين بالجواز ، إمّا بملاك كفاية تعدد العنوان ، وإمّا بملاك أنّ تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون. وفي كلتا الحالتين لا ينطبق ملاكهم في المقام ، لأنّ الصلاة لها عنوان واحد ، وقد تعلق الأمر بطبيعتها والنّهي بها مقيدة بالحمام ، فلا يوجد في المقام عنوانان حتى يكون ملاكا الجواز المذكور منطبقين في المقام.
كما إنّ القائل بالجواز ، بالملاك الأول ، وهو : إنّ الأمر يتعلق بصرف الوجود ، ولا يسري إلى الحصص. والنّهي متعلق بالحصة ، ولا يصعد إلى صرف الوجود ، فإنّه كذلك ، يواجه المشكلة ، لأنّ بعض موارد العبادات المكروهة ، يكون متعلق الأمر والنّهي فيها طبيعة واحدة ، وذلك كصوم يوم عاشوراء.
والخلاصة هي : إنّ استدلال القائلين بالجواز باجتماع الوجوب مع الكراهة ، ليس إشكالا على القائلين بالامتناع ، بل لا بد للقائلين بالجواز من الدفاع أيضا عن أنفسهم ، حيث أنّ القائل بالجواز ، إنما يقول به مع تعدّد العنوان ، لا وحدته ، وفي العبادات المكروهة ، قد تعلّق النّهي بنفس عنوان العبادة ، كالصلاة في الحمّام.
وما أفاده صاحب الكفاية (٢) صحيح ، بل حتى لو قلنا بالملاك الأول
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني ج ١ ـ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥.
(٢) كفاية الأصول ـ الخراساني : ج ١ ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥.