الحصة يتنافى مع نفس الأمر المتعلق بصرف الوجود. وهذا الملاك متحقق في المقام لأنّه يقال : إنّ النّهي عن الصلاة في الحمّام ، يتنافى مع الأمر المتعلق بطبيعي الصلاة ، باعتبار سريانه إلى حصصه ، فيجتمع وجوب وكراهة في الصلاة في الحمّام ، وهو مستحيل.
والحاصل : إنّ هذه المشكلة مستحكمة بناء على هذه المذاهب.
وقد حاول صاحب الكفاية «قده» (١) دفع هذا الإشكال بحمل النّهي على الكراهة الإرشادية ، إلى قلة الثواب ، لا الكراهة المولوية ، ووجود حزازة في العبادة ، وبذلك يرتفع إشكال اجتماع حكمين متضادين ، وذلك لعدم وجود حكمين حينئذ في البين.
وبيان ذلك كما ذكر في «الكفاية» ، هو أن نفترض كون الصلاة لو خليت وطبعها ، فإنّها تقتضي ، خمس مراتب من المصلحة ، ولو عنونت بعنوانها الحسن ، كالصلاة في المسجد ، لاقتضت ست مراتب. ولو عنونت بعنوانها المكروه لاقتضت أربع مراتب. ويفترض أنّ المولى يريد أربع مراتب على أقل تقدير ، فهذه المراتب الأربعة تحفظ في الصلاة في الدار ، أو المسجد ، أو الحمّام. فالصلاة في أيّ واحد منها ، يكون محققا للمأمور به.
ولكن بما أنّ المولى يحرص على إرشاد العبد إلى المراتب العالية ، فحينئذ يأمره بالصلاة في المسجد ، وهذا أمر مولوي ، كما أنّه يحرص من تورطه بما يوجب نقصان المراتب ، فينهاه عن الصلاة في الحمّام ، وهذا النّهي ليس مولويا ، لأنّ النّهي المولوي هو الذي ينشأ عن مفسدة ، وهنا لا يوجد مفسدة ، غايته أنّه تقل فيه المصلحة. وعليه : فلا نهي مولويّ في المقام ، ومعه يندفع الإشكال لعدم اجتماع حكمين متضادّين في الصلاة الواقعة في الحمام.
__________________
(١) كفاية الأصول ـ الخراساني : ج ١ ص ٢٥٦ ـ ٢٥٧.