لو قطعنا النظر عن رفع اليد عن الظهور الأول ، وسلّمنا أنّ النّهي مولويّ ، فهنا بالإمكان دفع الإشكال ، وذلك برفع اليد عن هذا الظهور الثاني فنقول : إنّ متعلق النّهي هو خصوصية الحصة ، فيكون المنهي عنه التواجد في الحمام حين الصلاة ، ومتعلق الأمر هو ذات الصلاة ، فلم يلزم اجتماع حكمين متضادّين.
ج ـ الظهور الثالث ، هو : إنّ قوله : «لا تصلّ في الحمّام» الظاهر في النّهي المولويّ ، والمتعلق بالحصة الخاصة ، ظاهر في أن هذا النّهي ناشئ من مبادئ فعلية ، لا اقتضائية مغلوبة ، ومندكّة.
وحينئذ فلو قطعنا النظر عن رفع اليد عن الظهورين السابقين ، فبالإمكان رفع اليد عن هذا الظهور الثالث ، وبذلك يندفع الإشكال.
وتوضيح ذلك : إنّه يوجد مصلحة في طبيعي الصلاة ، كما أنّه يوجد مفسدة في الصلاة في الحمّام ، وهذه المفسدة بمقدار تعلقها الضمني بالكون في الحمّام ، لا يقع التنافي بينها وبين تلك المصلحة ، لأنّ الكون في الحمّام لم يكن متعلقا بالأمر ، ولكن هذه المفسدة بمقدار تعلقها الضمني بالصلاة الواقعة في الحمّام ، تكون مزاحمة لتلك المصلحة لأنّ هذه الصلاة الواقعة في الحمّام ، وقعت متعلقا للأمر ، ولذا حكمنا بصحتها ، فمن هنا حصل التنافي لاجتماع المصلحة ، والمفسدة في الصلاة الواقعة في الحمّام
الّا أنّ المفروض أنّ المصلحة فيها أقوى من المفسدة ، ولهذا حكم بصحتها.
وعليه : فهذه المفسدة بمقدار تعلقها بالصلاة ، تكون مغلوبة ومندكّة ، وبمقدار تعلقها في الكون في الحمّام ، لا تكون مغلوبة ، بل تكون فعلية.
والمولى يترقب منه أن يجعل حكما على طبق هذه المفسدة المغلوبة من جهة ، والفعلية من جهة أخرى.