وأمّا الثاني : فلأنّ وقوع أحدهما قهريّ ، ومعه لا حاجة لجعل حكم تخييريّ بينهما.
نعم التزاحم يعقل بين الضدّين اللّذين لهما ثالث ، كالصلاة والإزالة كما مرّ تفصيله في محله.
لكن السيد الخوئي «قده» ، (١) حاول دفع هذا الإشكال عن صاحب الكفاية «قده» ، وصوّر إمكان التزاحم في المقام ، فذكر أنّ مقامنا من قبيل الضدّين اللّذين لهما ثالث ، ومعه يعقل وقوع التزاحم ، فإنّه ليس المقصود من المتناقضين ، المتناقضين في اصطلاح الفلاسفة ، بل المقصود بهما هو كل شيئين لا ثالث لهما ، كما أنّ المقصود بالضدّين ، كل شيئين لهما ثالث.
ومقامنا من قبيل الضدّين ، لأنّ لهما ثالث ، وذلك لأنّ المأمور به في محل الكلام ، ليس مطلق الصوم في عاشوراء ، بل حصة خاصة منه ، وهو الصوم القربي. وعليه : فيكون عندنا ثلاثة أطراف :
أ ـ الصوم القربي.
ب ـ الصوم بلا قربة.
ج ـ وترك الصوم.
وحينئذ ، ففي موارد التزاحم بين فعل الصوم القربى ، وترك الصوم ، إذا تساويا يمكن جعل حكم بينهما على نحو التخيير ، ولا يرجع ذلك إلى طلب الحاصل ، بدعوى أنّ وقوع أحدهما قهريّ ، وذلك باعتبار أنّه يمكن عصيانهما معا ، وذلك باختيار الضد الثالث وهو الصوم ، لا بقصد القربة ، وعليه : فما ذكره الميرزا «قده» من عدم إمكان فرض التزاحم بين فعل الصوم في عاشوراء ، وبين تركه ، غير صحيح.
__________________
(١) اجود التقريرات ـ الخوئي : ج ١ ص ٣٦٤ ـ ٣٦٥.