مصلحة في تركه ، فيرجع النّهي في المقام إلى طلب الترك ، لا إلى الزّجر عن الفعل ، ومعه لا مانع أن يفرض بقاء الصوم على مصلحته ، غايته ، يقع التزاحم بين ملاك المحبوبية في الفعل ، وملاك المحبوبية في ترك هذا الفعل. وحيث أنّ محبوبية الترك أقوى فيقدّم ، وهذا يقتضي النّهي ، بمعنى طلب الترك ، وبذلك يكون طلب الترك فعليا.
وأمّا طلب الفعل فلا يكون فعليا ، لأنّه مغلوب ، فيسقط الأمر بالفعل خطابا ، إلّا أنّه يبقى ملاكا كما هو الحال في سائر موارد التزاحم.
وعليه : فيمكن تصحيح هذا الصوم بالملاك بلا حاجة للأمر ، ومعه يرتفع الإشكال لعدم لزوم اجتماع حكمين متضادّين ، باعتبار سقوط الأمر كما عرفت.
إلّا أنّ الميرزا «قده» (١) أشكل على ما ذكره الخراساني «قده» بما حاصله :
إنّ التزاحم لا يعقل أن يكون بين استحباب صوم عاشوراء ، وبين استحباب تركه ، لأنّ هذين من الضدّين اللّذين لا ثالث بينهما ، فهما من المتناقضين ، وفي مثله لا يعقل التزاحم ، لأنّ فرض التزاحم هو فرض ثبوت جعلين ، حينئذ يقال : إنّه إن وجد ملاكان للاستحباب في الفعل والترك :
فإن كان أحدهما أقوى ، تعيّن جعل الحكم على طبق الأقوى.
وإن تساويا ، فلا حكم أصلا ، لأنّ جعله عليهما معا غير معقول ، لا تعيينا ، ولا تخييرا.
أمّا الأول : فلاستحالة الجمع بين الفعل والترك ، فيكون تكليفا بغير المقدور.
__________________
(١) فوائد الأصول ـ الكاظمي : ج ١ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣.