ولا بدّ للمولى أن يحسب حساب هذه المصلحة وتلك المفسدة ، ويكون ذلك بجعل حكمين ، فيحرّم الخروج قبل الدخول ، ولا داعي لإيجابه في هذه الحالة ، وأمّا بعد الدخول ، فيوجب الخروج بعد سقوط الحرمة ، ولا يؤدي ذلك إلى جهل المولى.
وتوضيح ذلك ، هو : إنّ عدم الخروج ، يتحقق إمّا بعدم الدخول من الأول ، وإمّا بترك الخروج ، واستبداله بالبقاء في الأرض المغصوبة ، فيما إذا فرض أنّه دخل.
فسدّ باب عدم الخروج ، إمّا أن يتحقّق بترك الدخول رأسا ، أو باستبدال الخروج بالبقاء في الأرض ، إذا فرض أنّه دخل.
وسدّ باب عدم الخروج بترك الدخول رأسا ، فيه مفسدة الغصب ، لأنّ سدّ هذا الباب ، معناه ، الدخول إلى الأرض المغصوبة ، وهذا ليس فيه أيّ مصلحة ، إذ لا مقدميّة في مثله.
وأمّا سدّ باب عدم الخروج باستبداله بالبقاء ، فهذا فيه مصلحة ومفسدة ، لأنّ سدّ هذا الباب معناه ، فعل الخروج ، وهذا فيه مصلحة المقدميّة ومفسدة الغصب.
وبما أنّ المصلحة أهم ، فتقدّم على المفسدة.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ سدّ الباب الأول الذي هو عبارة عن الدخول ، فيه مفسدة خالصة ، فلا بدّ من محافظة المولى على فتحه ، وذلك بالنّهي عن الدخول والخروج ، لأنّهما غصب ، وأمّا بعد الدخول ، فسدّ الباب الثاني الذي هو عبارة عن الخروج ، وإن كان فيه مصلحة ومفسدة ، إلّا أنّ المصلحة أهم ، فالمولى يحافظ على سدّه ، وذلك بالأمر بالخروج فقط.
وبهذا ، ثبت أنّه قبل الدخول ، هناك نهي عن الخروج فقط ، وأمّا بعده ، فهناك أمر به فقط ، ولا يوجد أيّ تهافت ، أو أيّ شيء آخر يوجب نسبة الجهل إلى الحاكم.