إلّا أنّه على ضوء ما ذكرنا ، فنحن لا نلتزم بهذين الحكمين ، حيث أنّه لا مقتضي لوجوب الخروج ، لا نفسيا ، ولا غيريا ، كما عرفت.
هذا تمام الكلام في المشكلة الأولى مع حلّها.
٢ ـ المشكلة الثانية ، وهي : في كيفيّة التوفيق بين حرمة الخروج ، ووجوب ترك الغصب الزائد المنحصر تركه بالخروج.
وفي مقام بيان الإشكال في كيفية الجمع بينهما ، تذكر عدة أنحاء :
١ ـ النحو الأول ، وحاصله : إنّ حرمة الخروج تنافي وجوبه كما هو واضح ، ووجوب الخروج وجوب غيريّ معلول لوجوب ذي المقدمة ، وهو ترك الغصب.
ومن المعلوم ، أنّ التفكيك بين العلة والمعلول مستحيل ، وعليه ، فما يكون منافيا مع المعلول ، يكون منافيا مع العلة وبذلك يثبت أنّ حرمة الخروج تنافي وجوب ترك الغصب ، باعتبار أنّها منافية لمعلوله ، وهو وجوب الخروج.
وهذا الكلام غير تام ، ويجاب عليه بوجوه :
١ ـ الوجه الأول ، هو : ما ذكرناه سابقا ، من أنّ الخروج ليس فيه ملاك الوجوب أصلا ، وبهذا يرتفع أصل الإشكال.
٢ ـ الوجه الثاني ، وهو : أنّه لو فرض اتصاف الخروج بالوجوب الغيريّ ، ففي هذه الحالة ، تسقط حرمته كما عرفت سابقا ، وبهذا يندفع أصل الإشكال أيضا.
٢ ـ النحو الثاني ، وهو : إنّه لا يمكن اتصاف ترك الغصب الزائد بالوجوب ، مع كون الخروج حراما ، وذلك لأنّه يشترط في الوجوب ، أن يكون متعلقه مقدورا ، عقلا وشرعا ، وفي المقام ، ترك الغصب الزائد ليس مقدورا شرعا باعتبار حرمة مقدمته المنحصرة ، والممتنع شرعا كالممتنع عقلا ، لا يعقل التكليف به.