والصحيح ، عدم تمامية هذا الملاك أيضا ، فإنّ مجرد مغلوبيّة المصلحة والملاك ، لا يمنع من التقرب بالفعل ، ما لم يكن هناك مانع آخر ، كتنجز الحرمة ، ونحو ذلك ممّا يأتي الإشارة إليه ، وإلّا فلو فرض أنّ الفعل محرّم واقعا ، إلّا أنّ الحرمة لم تصل إلى المكلّف ، فأيّ مانع حينئذ من التقرّب بهذا الفعل ، ولو كان ملاكه مغلوبا بحسب الواقع؟.
وبعبارة أخرى : إنّ صاحب هذا الملاك اشتبه بين معنيين من القرب والبعد.
وتوضيح ذلك : إنّ للقرب والبعد معنيين :
١ ـ المعنى الأول ، هو : القرب والبعد بلحاظ الأغراض النفسية للمولى.
٢ ـ المعنى الثاني ، هو : القرب والبعد بلحاظ موازين المولويّة والعبوديّة ، فمثلا لو أنقذ شخص ابن المولى بتخيّل أنّه عدوّه ، فهنا ، يحصل قرب من المولى بلحاظ المعنى الأول ، لأنّ هذا الإنقاذ يوافق غرضه النفسي ، إلّا أنّه لا يحصل قرب بالمعنى الثاني ، لأنّ هذا الإنقاذ ، لا يمثل العبودية.
وينعكس الحال ، فيما لو أنقذ عدوّ المولى ، يتخيل أنّه ابنه ، كما هو واضح.
إذا عرفت ذلك فنقول : إنّ قصد القربة المعتبر في العبادة ، إن قصد به المعنى الأول ، للقرب ، فحينئذ ، لا يمكن التقرب بالملاك المغلوب واقعا ، وإن لم يعلم المكلّف بمغلوبيته ، لأنّ هذا لا يوافق غرض المولى النفسي ، ويتم ما ذكر في هذا الملاك حينئذ.
إلّا أنّ الصحيح ، أنّ قصد التقرب المعتبر ، هو التقرب بالمعنى الثاني ، أي : بحسب موازين المولويّة والعبوديّة.