وأمّا بقيّة الخصائص ، فيتفق فيها مع الملاك الخامس.
والتحقيق عدم تماميّة هذا الملاك.
والوجه في ذلك هو : إنّ التنافي بين المقربية والمبعدية على نحوين :
١ ـ النحو الأول ، هو : أن يكون التنافي بلحاظ المحل القابل ، بمعنى أن يكون الشيء الواحد في زمن واحد ، قريبا من شيء وبعيدا عنه ، وهذا مستحيل.
٢ ـ النحو الثاني ، هو : أن يكون الشيء الواحد سببا للقرب من المولى وسببا للبعد عنه.
وهذا مستحيل أيضا ، وحينئذ ، ففي محل الكلام ، إن أريد من التنافي بين المقرّب والمبعّد هو النحو الأول ، فهو ممنوع ، لأنّه لا تنافي بين كون العبد قريبا من المولى ، وبعيدا عنه في آن واحد ، ومثال ذلك ، النظر إلى الأجنبية حال الصلاة ، فإنّه في هذه الصورة ، قد فعل محرّما أثناء الإتيان بواجب.
فالقرب والبعد المعنوي ، كما هو محل الكلام ، ليس كالقرب والبعد المكاني ، الذي يستحيل فيه ذلك ، فإنّه يستحيل أن يكون الإنسان قريبا من مكان ، وبعيدا عنه في آن واحد.
وعليه ، فالتنافي بين المقربيّة والمبعديّة بلحاظ المحل القابل ، غير موجود في محل الكلام.
وإن أريد من التنافي بين المقرّب والمبعّد ، النحو الثاني ، فهذا أيضا غير موجود في محل الكلام ، لأنّ نفس الفعل الذي أتي به ، لا أثر له في المقربيّة والمبعديّة ليرد إشكال التنافي ، ويقال : إنّه كيف أمكن أن يكون نفس الفعل مقربا ومبعدا ، بل المقرب والمبعد في الحقيقة ، هو الداعي النفساني للمكلّف ، على ما ذكرنا سابقا ، وهو مختلف في المقام ، لأنّ مثل هذا المكلف ، نجد عنده داعيان : أحدهما مولوي ، وهو مقرّب ، والثاني