وأمّا هذا الملاك الخامس ، فيتمّ ، حتى بناء على القول بجواز اجتماع الأمر والنّهي ، فإنّه إذا بني على جواز الاجتماع ، من باب أنّ الأمر المتعلق بصرف الوجود لا يسري إلى الحصص ، أو من باب أنّ تعدّد العنوان بمجرده يكفي لرفع غائلة الامتناع.
فبناء على جواز الاجتماع بأحد هذين الملاكين ، يكون الملاك الخامس تاما أيضا ، لأنّه بناء على الجواز بأحد هذين الملاكين ، يكون الفعل الخارجي واحدا ، وهو مبغوض ، لفرض النّهي عنه ، ومع المبغوضيّة ، لا يمكن التقرب به ، كما تقدم وعرفت.
نعم لو بنينا على جواز الاجتماع ، من باب أنّ تعدد العنوان يوجب تعدّد المعنون ، حينئذ ، لا يتم هذا الملاك ، لأنّ متعلق الأمر حينئذ شيء ، ومتعلق النّهي شيء آخر ، ولا مانع من التقرب بالصلاة في الغصب ، وعليه فلا يتم هذا الملاك.
٦ ـ الملاك السادس : وحاصله هو : إنّه إذا كان النّهي واصلا للمكلف فيكون حينئذ منجزا عليه ، ومعنى تنجّزه ، هو أنّ العقل يحكم بمبعدية معصيته عن المولى ، ومع هذه المبعدية يستحيل أن يقع مقربا ، فإذا أتى به يكون باطلا.
وهذا الملاك يختلف عن سابقه ، بأنّه يبرز حيثيّة المبعديّة التي هي معلولة للنّهي ، بينما الملاك السابق يبرز حيثيّة المبغوضية التي هي مكشوفة للنّهي.
وأمّا خصائص هذا الملاك ، فمنها : إنّه لو تمّ ، فهو يتم في جميع أقسام النهي ، حتى في القسم الرابع ، لأنّ النّهي في جميعها مولوي ، ولم ينشأ من مبغوضية في متعلقه وما دام كذلك ، فالعقل يحكم بقبح عصيانه حينئذ ، ومعه لا يكون الفعل مقربا ، لأنّهما ضدان لا يجتمعان فإذا أتى به المكلف حينئذ ، فإنّه يقع باطلا ، ويستحيل أن يكون مقربا.