الحمّام ، ففي مثل ذلك ، بمقدار ما تكون هذه الصلاة ناشئة من الداعي الإلهي ، تكون مقربة.
وهذا أمر معقول ، لأنّ الداعي الذي دعاه لإيجاد جامع الصلاة ، ولو بفرد محرم ، هو داع إلهي ، حيث أنّ الملاك قائم بالجامع كما عرفت ، غايته ، أنّ هذا الفرد من الصلاة ، من جهة أخرى هو غير مقرب ، بل هو مبعّد ، وحينئذ ، فإن اكتفينا في العبادات بوجود داع قربي مؤثر في العبادة ، سواء وجد فيه داع آخر مؤثر في المبعديّة ، أو لم يوجد ، فحينئذ تكون هذه الصلاة مقربة ، ومعه تقع صحيحة ، ولا يكون هذا الملاك تاما.
وأمّا إذا لم نكتف في العبادات بمثل ذلك ، واشترطنا عدم وجود داع آخر فيها مبعّد ، فتقع حينئذ هذه الصلاة باطلة ، ويكون هذا الملاك صحيحا.
ثمّ إنّ هناك فرقا أساسيا ، بين الملاك الخامس ، والملاكات الأربعة المتقدمة.
وحاصله ، هو : إنّ الملاكات الأربعة المتقدمة ، كانت مبنيّة على القول بامتناع اجتماع الأمر والنهي.
وأمّا إذا قلنا بجواز اجتماع الأمر والنّهي بأيّ ملاك من ملاكات الجواز ، فإنّها لا تتم حينئذ ، وذلك لأنّه بناء على جواز الاجتماع ، يكون الأمر بالفعل الذي فرض النّهي عنه ، أيضا فعليا ، ومع فعليّة الأمر تكون المصلحة فعليّة.
وبذلك يبطل الملاك الأول ، لأنّ هذا الملاك قد أثبت بطلان الفعل من طريق نفي المصلحة ، كما أنّه مع فعليّة الأمر لا تكون المصلحة مغلوبة كما هو مبنى الملاك الثاني ، فيبطل الملاك الثاني حينئذ ، كما أنّه مع فعليّة الأمر ، يمكن التقرب به ، وبذلك يبطل الملاك الثالث ، كما أنّ الرابع يبطل ، لأنّه مع فعليّة الأمر ، يكون الأمر كاشفا عن فعلية المصلحة والملاك ، كما عرفت سابقا.