يوجب بطلان العبادة ، فهل إنّ النّهي الكراهتي يوجب بطلانها أم لا؟.
وتحقيق الحال في هذه المسألة هو : إنّ كراهة العبادة ، تارة يقصد به كونها أقل محبوبيّة ، وفضيلة من غيرها ، سواء أكانت هذه الأقليّة ، ذاتيّة ، أو عرضيّة ، ناشئة من التزاحم بين محبوبيّة هذا الفرد المكروه ، كالصلاة في الحمّام ، وبين مبغوضيته المستكشفة من النّهي ، فبعد الكسر والانكسار ، يوجب ذلك منقصة الصلاة في الحمّام عن سائر أفراد الصلاة بالنسبة للمحبوبيّة ، فبناء على أنّ كراهة العبادة ترجع إلى ذلك أي إلى النقص في المحبوبيّة ، فلا يكون النّهي الكراهتي حينئذ موجبا للبطلان ، لأنّ الصلاة في الحمّام على هذا المبنى ، تكون مصداقا لمتعلق الأمر ، ومشمولة للأمر ، فيمكن التقرب بها بعد فرض كونها محبوبة ، ومعه تقع صحيحة.
وتارة أخرى يقصد بكراهة العبادة ، كونها مبغوضة فعلا ، غايته ، أنّ هذه المبغوضيّة مبغوضيّة ناقصة ، يمكن اجتماعها مع الترخيص بها.
وحينئذ ، فإمّا أن يبنى على استحالة اجتماع الأمر والنّهي ، ولو كان كراهيا.
وإمّا أن يبنى على الجواز ، فإن بني على الامتناع ، فحينئذ ، يكون النّهي الكراهتي مقتضيا لفساد العبادة بالملاك الأول للفساد ، والوجه في ذلك هو ، إنّ هذا النّهي يكشف «إنّا» عن قصور ذاتي في هذه العبادة ، وأنّها لا تفي بالمصلحة الوجوبيّة ، لأنّه لو كانت وافية بهذه المصلحة ، لكانت محبوبة ، ومن المعلوم أنّ المحبوبيّة اللزوميّة تقدم على المبغوضيّة الكراهيّة في مقام التزاحم ، فبعد الكسر والانكسار ، تكون هذه العبادة محبوبة ، غايته ، أنّها تكون أقلّ محبوبية من سائر الأفراد ، وهذا خلف فرض كونها مبغوضة فعلا.
وعليه : فلا بدّ وأن يكون هذا كاشفا عن أنّ المحبوبيّة اللزوميّة غير شاملة لهذه الحصة من العبادة المكروهة ، ومع عدم كونها مشمولة لها ، تكون قاصرة ذاتا عن الوفاء بالملاك والمصلحة.