وبهذا يثبت ، إنّ النّهي الكراهتي ، كشف عن قصور ذاتي في هذه العبادة ، وهذا يعني ، بطلانها بالملاك الأول.
وإن شئت قلت : إنّه لو افترضنا أنّ النهي كان ناشئا من مبغوضيّة فعليّة في هذا الفرد ، فتارة نلتزم بامتناع اجتماع الأمر والنّهي حتى مع النّهي الكراهتي ، وأخرى ، نلتزم بإمكان اجتماع الأمر والنّهي الكراهتي.
فإن التزمنا بامتناع الاجتماع ، ومع هذا افترضنا وجود النّهي الناشئ من مبغوضيّة فعليّة لمتعلقه ، فلا بدّ حينئذ من الالتزام ببطلان العبادة ، على أساس الملاك الأول من ملاكات اقتضاء النّهي للفساد المتقدمة ، لأنّ مثل هذا النّهي الناشئ من مبغوضيّة متعلقه ، يكشف لا محالة عن عدم محبوبيّة متعلقه ، لعدم إمكان اجتماع الحب والبغض في شيء واحد ، وعدم محبوبيّة هذا الفرد ، يكشف عن أنّ تلك المصلحة الإلزامية للعبادة ، التي تكون ثابتة في الجامع ، بين الأفراد ، غير ثابتة في الجامع الشامل لهذا الفرد المنهي عنه ، إذ لو كانت ثابتة في الجامع بين هذا الفرد وبين بقيّة الأفراد ، لكان هذا الجامع محبوبا بملاك إلزامي.
وبناء على امتناع اجتماع الأمر والنّهي ، وافتراض عدم تماميّة ملاكات جواز اجتماع الأمر والنّهي ، فإنّه لا بدّ وأن يسري هذا الحب من الجامع إلى الحصة والفرد ، فيقع التزاحم بين هذا الحب الذي يكون بملاك إلزامي وبين بغض هذا الفرد ، الذي يكون بملاك كراهي ، وبعد التزاحم ، لا بدّ وأن يزول البغض أمام الحب ، لأقوائيّة ملاك الحب بحسب الفرض ، مع أنّ المفروض أنّ هذا الفرد المنهي عنه مبغوض بالفعل بالبغض الكراهتي.
إذن فالمبغوضيّة الفعليّة لهذا الفرد ، المستكشفة من النّهي ، تكون دليلا على أنّ الجامع المنطبق على هذا الفرد ، ليس واجدا لملاك المأمور به.
وهذا يعني ، أنّ هذا الفرد من العبادة ، يقع باطلا بنكتة قصوره الذاتي ، وعدم وجدانه للملاك.