وعليه ، فموضوع كلامنا في هذه الجهة هو النّهي المولوي التحريمي.
فنقول : إنّ هذا النّهي تارة : يكون متعلقا بالسبب ، وهو المعاملة التي تصدر من المتعاملين مباشرة.
وأخرى : يكون متعلقا بالمسبّب ، كانتقال المبيع إلى المشتري ، وانتقال الثمن للبائع مثلا ، فإنّ مثل هذا الانتقال ، مسبّب عن تلك المعاملة.
وثالثة : يكون النهي متعلقا بالأثر المترتب على المسبّب ، كتصرف البائع بالثمن ، والمشتري بالمثمن ، فإنّ هذا التصرف أثر من آثار المسبّب ، وهو الانتقال.
والكلام يقع في كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة ، وإنّ تعلّق النّهي بها هل يقتضي البطلان ، أم لا؟.
أمّا القسم الأول ، وهو النّهي المتعلق بالسبب : فلا إشكال في عدم اقتضائه الفساد ، كالنّهي عن البيع عند وقت النداء لصلاة الجمعة ، فبمناسبة الحكم والموضوع يظهر أنّ الحرمة متعلقة بالسبب ، وذلك حتى لا ينشغل المكلّف به عن الاستجابة للنداء ، وهذه الحرمة المتعلقة بالسبب لا تقتضي الفساد.
ويظهر الوجه في ذلك ، ممّا يأتي ، حيث أنّ الوجوه التي تدّعى لاقتضاء النّهي عن المسبب للفساد ، لو تمّت ، لا تشمل النّهي عن السبب ، والمفروض أنّه ليس هناك وجه آخر غير تلك الوجوه ، يكون موجبا لاقتضاء النّهي عن السبب للبطلان. وعليه : فلا منافاة بين مبغوضيّة السبب وبين نفوذه ، بمعنى ترتب أثره عليه ، فمقتضى الجمع بين دليل حرمته التكليفية ، وبين التمسك بإطلاق دليل نفوذه ، هو الحكم بترتب الأثر عليه ، وإن ترتب العقاب على الإتيان به ، ولا منافاة.
وهذا نظير تطهير الثوب بماء مغصوب ، فالفعل محرّم ، ولكن يترتب عليه أثره ، وهو طهارة الثوب.