٢ ـ أمّا القسم الثاني : وهو فيما إذا تعلّق النّهي بالمسبب : والكلام فيه يقع في مقامين :
١ ـ المقام الأول : في أصل معقوليّة تعلّق النهي بالمسبب.
٢ ـ المقام الثاني ، هو : إنّه بعد الفراغ عن معقوليّته ، يبحث في أنّه هل يقتضي البطلان ، أو لا يقتضي؟.
أمّا الكلام في المقام الأول : فقد يستشكل في أصل معقوليته ، ويقرب ذلك بتقريبين :
١ ـ التقريب الأول ، هو : إنّ النّهي إنّما يتعلق بما هو فعل المكلف ، والمسبّب ليس فعلا للمكلف ، بل حكم للمقنّن والمشرّع بانتقال السلعة من البائع إلى المشتري ، وعليه فلا يعقل تعلق النّهي به.
وهذا التقريب غير تام ، فإنّ المسبّب ، وإن لم يكن فعلا مباشرا للمكلّف ، إلّا أنّه فعل تسبيبي له ، باعتبار أنّه يمكن إيجاده بإيجاد سببه الذي جعله الشارع والمقنّن سببا له ، فالمسبّب يدخل تحت قدرة المكلف بالقدرة على سببه.
٢ ـ التقريب الثاني ، هو : إنّ المسبّب عبارة عن الانتقال والتمليك ، وهو من اعتبارات الشارع وإمضاءاته ، فإذا فرض إنّه مبغوض للشارع ، فمن الأول يمكنه أن لا يقنّنه ويمضيه ، ولا معنى لنهي المكلّف عنه حينئذ.
وهذا التقريب غير تام أيضا : فإنّ المسبّب لو كان محصورا بخصوص الشرعي ، لكان لهذا التوهم صورة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى ، لكن إذا فرض أنّ المقصود من المسبّب المعنى الأعم ، الجامع بين الشرعي والعقلاني ، فحينئذ لا يتوجه هذا التقريب ، لأنّ إعدام خذا الجامع لا يتحقّق بمجرد كفّ المولى عن تقنينه وجعله ، بل يحتاج في مقام إعدامه إلى الاستعانة بالمكلف.