وبيان ذلك ، هو : إنّ النّهي متعلّق بالمسبّب ، وقد فرض أنّ النهي يهدم الركن الثاني من أركان صحة المعاملة ، ومعه يتعذر وجود المسبب ، وإذا تعذر وجود المسبّب فإنّه حينئذ يستحيل النّهي عنه ، لأنّه تكليف بغير المقدور وهذا الاستشكال منتزع من الإتجاه المعاكس القائل : بأنّ النّهي عن المعاملة يقتضي الصحة (١) ، وإلّا فلو اقتضى الفساد ، للزم هذا المحذور.
وقد أجاب الميرزا «قده» عن هذا الكلام : بأنّ المسبّب لو كان محصورا بخصوص المسبّب الشرعي ، لتمّ هذا الاستشكال بالنحو الذي عرفت ، إلّا أنّ المفروض أنّه غير منحصر بالمسبب الشرعي ، بل كما يوجد مسبب شرعي ، كذلك يوجد سبب عقلائي ، فحينئذ يفرض أنّ النّهي الشرعي متعلّق بالمسبّب العقلائي ، أو بالجامع بينه وبين الشرعي ، فحينئذ لا يرد هذا الإشكال ، لأنّ النّهي الشرعي المتعلّق بالمعاملة بمعنى المسبّب يوجب البطلان الشرعي للمعاملة ، لا البطلان العقلائي ، والبطلان الشرعي يوجب تعذر خصوص الحصة الشرعية ، أي : المسبّب الشرعي ، وأمّا المسبّب العقلائي أو الجامع ، فيبقى تحت القدرة ، فلا مانع من تعلّق النّهي الشرعي بأحدهما ، ولا يرد الإشكال حينئذ.
وهذا الكلام تام إذا فرضنا أنّ النّهي تعلّق بالجامع.
إلّا أنّ الميرزا «قده» فرضه متعلق بالمسبب العقلائي ، وهنا لا يكون جوابه تاما ، لأنّه يقال : إذا كان النّهي الشرعي متعلقا بالمسبّب العقلائي ، فما الموجب لبطلان المعاملة ، مع أنّه لا نهي عن المسبّب الشرعي؟.
ولأجل أن يكون جوابه تاما ، لا بدّ وأن نضيف إليه دعوى أخرى ، وهي أن يقال : بأنّ صحة المعاملة وإمضاء المسبّب الشرعي من قبل المولى ، منوط بالقدرة الشرعيّة على المسبّب العقلائي ، والمفروض أنّ المسبّب
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ـ الآمدي : ج ٢ ص ١٧٩ ـ فوائد الأصول الكاظمي : ج ١ ص ٢٩٤.