واستلزام مثل هذا النّهي لبطلان المعاملة يكون بأحد ثلاثة طرق :
١ ـ الطريق الأول ، هو : أن يفرض أنّ الحرمة التي يوجبها النهي في المقام ، توجب عدم ترتب أيّ أثر من الآثار التي يترقب ترتبها على المسبب بحيث لو حكم بصحة المعاملة ، لكان هناك مسبب بلا أيّ أثر شرعي عملي ، بمعنى أنّه لو حصل التمليك ، لما ترتب عليه أيّ أثر من آثاره كجواز بيعه ، وهبته ، ونحو ذلك.
وعليه : فيكون نفس الدليل الذي تكفل نفي هذه الآثار دالا على بطلان هذه المعاملة ، لأنّه إن كانت الأحكام الوضعية تابعة للأحكام التكليفية في الجعل ، فالمفروض هنا أنّ الأحكام التكليفية قد نفيت جميعها ، فلا مجال لانتزاع الحكم الوضعي ، وهو الصحة.
وإن كانت الأحكام الوضعية مستقلة بالجعل ، فكذلك لا معنى لجعل الصحة ، لأنّ جعل هذا الحكم مع عدم ترتب أيّ أثر عليه ، يكون لغوا. فمن هنا يظهر أنّ الشارع لم يجعل الصحة بمعنى أنّه لم يمض مثل هذه المعاملة ، وبذلك يثبت البطلان.
٢ ـ الطريق الثاني ، هو : أن يفرض أنّ دليل الحرمة لا ينفي تمام الآثار ، وإنّما ينفي الأثر الركني الذي يكون بينه وبين سائر الآثار ملازمة عرفية ، وحينئذ فيكون هذا الدليل النافي لذلك الركن نافيا لسائر الآثار بالدلالة الالتزامية العرفية ، ومعه يكون هذا الدليل مقتضيا للبطلان.
٣ ـ الطريق الثالث ، هو : أن يفرض أنّ دليل الحرمة ينفي بعض الآثار ، لا تمامها ، ولا الركن منها ، كما لو دلّ الدليل على عدم جواز بيع المشتري هذه السلعة التي تملّكها بتملك منهي عنه ، حينئذ يقال : إنّ الدليل الذي دلّ على ترتب هذا الأثر ، وهو جواز بيع ما يشتريه ، على كل بيع صحيح ، يكون دالا على بطلان هذه المعاملة.
وبيان ذلك هو : إنّ الدليل دلّ على ترتب هذا الأثر ، وهو جواز البيع ،