إلّا أنّ الصحيح عدم تماميّة هذا الكلام ، لعدم تماميّة الظهور الثاني.
ولتوضيح ذلك نقدم مقدمة ، وحاصلها ، هو : إنّه يوجد عندنا إذن تكليفي ، وفي مقابله ، منع تكليفي ، كما أنّه يوجد عندنا إذن وضعي ، وفي مقابله منع وضعي.
والمقصود بالإذن الوضعي ، هو : أن يقر الشارع والمولى مضمون المعاملة ، من دون نظر إلى السبب والإنشاء. والمقصود بالمنع الوضعي هو : عدم إقرار مضمون المعاملة ، وهذان النحوان من الإذن والمنع يختلفان في أمرين :
١ ـ الأمر الأول : هو : إنّ الإذن والمنع التكليفيين لا يتصوران إلّا قبل إيقاع الفعل ، لأنّه بعد وقوع الفعل لا يترقّب من المولى شيء آخر ليؤذن فيه أو يمنع عنه ، وأمّا الإذن والمنع الوضعيين ، فكما يتصوران قبل إيقاع الفعل ، كذلك يتصوران بعد إيقاعه ، وذلك لأنّ الحكم الوضعي ، مربوط بمضمون المعاملة ، فحتى بعد إيقاعها يترقب من المكلف صدور شيء ، وهو ترتيب آثار هذه المعاملة ، ومعه فيعقل الإذن والمنع ، حتى بعد إيقاع المعاملة.
٢ ـ الأمر الثاني ، وهو : متفرّع على الفرق الأول ، وحاصله : إنّ المنع التكليفي إذا وجد قبل إيقاع الفعل ، فلا معنى لتبدّله بالإذن التكليفي بعد وقوع الفعل كما هو واضح.
وأمّا المنع الوضعي ، فإذا حدث قبل إيقاع المعاملة ، فيعقل تبدّله بالإذن بعد إيقاعها ، لأنّ ذلك ينتج إمكان ترتيب الآثار على هذه المعاملة ، هذه هي المقدمة.
وحينئذ نأتي إلى محل الكلام فنقول : إنّ المستظهر من العصيان الوارد في كلام الإمام «ع» ، هو العصيان الوضعي ، لا التكليفي ، لوجود عدة قرائن كما ستعرف ، وبناء عليه فلا يتم الاستدلال ، لاختلال الظهور الثاني.