وغاية ما يدل عليه كلام الإمام «ع» حينئذ ، هو : إنّ المنع الوضعي عن النكاح يقتضي فساده ، وهذا خارج عن محل الكلام ، لأنّ محل الكلام هو اقتضاء النّهي التكليفي للفساد ، لا النّهي الوضعي.
وأمّا القرائن التي توجب ظهور العصيان في كلام الإمام «ع» في العصيان الوضعي فهي أربعة :
١ ـ القرينة الأولى ، هي : إنّ عصيان الله وعصيان السيد الواردين في الرواية ينبغي أن يحملا على معنى واحد ، إمّا العصيان التكليفي ، وإمّا العصيان الوضعي.
وحينئذ ، فإذا حمل عصيان الله على التكليفي ، فينبغي أن يحمل عصيان السيد على التكليفي أيضا ، وحمل عصيان السيد على التكليفي يستدعي أن يكون السيد قد صدر منه نهي عن هذا النكاح قبل إيقاعه ، لما عرفت في المقدمة ، من أنّ النّهي التكليفي يكون قبل إيقاع الفعل ، مع أنّ هذا المعنى لم يفرض في السؤال الموجه للإمام «ع» ، وغاية ما يقتضيه السؤال هو : إنّ نكاح العبد كان بغير إذن سيده ، لا إنّه منعه عنه قبل إيقاعه.
وعليه ، فلا بدّ من حمل عصيان السيّد على العصيان الوضعي ، ومعه يتعيّن حمل عصيان الله على الوضعي أيضا ، لما عرفت من لزوم حملهما على معنى واحد ، وبذلك يختل الظهور الثاني المدّعى ، لأنّ عصيان الله ليس ظاهرا في العصيان التكليفي.
وبعد حمل العصيان في كلام الإمام «ع» على العصيان الوضعي ، يكون حاصل المعنى ، إنّ هذا العبد ، لم يعص الله ، بمعنى أنّ الله أقرّ هذا النكاح ، إلّا أنّ المولى لم يقرّه ، وإقرار كل منهما بحسبه ، فإقرار الله له ، بمعنى أنّ الله قد أحلّ الزواج على وجه كلّي ، وعدم إقرار المولى ، بمعنى ، أنّ هذا المولى لا يرضى بأن تكون هذه المرأة زوجة لعبده ، وبهذا يستقيم معنى الرواية بلا مخالفة لأيّ ظاهر.