١ ـ القسم الأول : النسب التي يكون موطنها الأصلي هو الخارج ، من قبيل ، نسبة الموت إلى الميّت.
٢ ـ القسم الثاني : النسب التي يكون موطنها الأصلي هو الذهن ، من قبيل ، النسبة الحكميّة ، أي نسبة المحمول إلى الموضوع في أفق الحكم ، كما في قولنا ، «هذا عالم» ، فالنسبة في هذا المثال ذهنيّة ، ببرهان ، انّ النسبة تستدعي طرفين ، فلو كانت خارجيّة للزم ان يكون لها طرفان في الخارج ، مع انّه في الخارج ليس عندنا إلّا طرف واحد ، لأنّ هذا ، هو عين العالم ، وليس طرفا غيره في الخارج ، لكن في عالم الذهن ، فإن الذهن يحلّل ذلك إلى مفهومين ، ويربط بينهما ، إذن ، فالنسبة في المقام ذهنيّة ، ولا موطن لها إلّا الذهن.
ثم انه قد برهنّا في بحث الوضع على انّ كل نسبة يكون موطنها الأصلي هو الخارج ، يكون ما بإزائها في الذهن ، نسبة ناقصة دائما ، ولهذا نعبّر عنها بجملة ناقصة ، فنقول : «موت زيد».
وكل نسبة يكون موطنها الأصلي هو الذهن ، تكون نسبة تامة ، لأنّها توجد في الذهن بما هي نسبة واقعيّة.
إذا عرفت ذلك ، نقول : إنّ كلا من الجملة الخبريّة والجملة الإنشائيّة جملة تامة ، ومفاد الجملة التامة نسبة تامة ، وحينئذ ، فتكون الجملتان من القسم الثاني ، أي إن موطن النسبة في كل منهما هو الذهن ، وعليه ، فيكون مفاد قولنا ، «زيد ميّت» ، هو النسبة الحكميّة ، لا النسبة الخارجيّة لما عرفت ، وحينئذ ، ففي قولنا : «إذا شرب زيد السمّ يموت» ، وفي قولنا ، «إذا جاء زيد فأكرمه» ، يكون المعلّق هو النسبة الحكمية فيرجع قولنا «إذا شرب زيد السم يموت» ، إلى انّ الحكم على زيد ، مشروط بشربه السم ، فإذا لم يشرب السم ، فلا حكم عليه ، وليس معنى ذلك ، انّه إذا لم يشرب السم لا يموت ، لأنّ المعلّق هو الحكم وليس النسبة الخارجيّة.