وأنّ التعليق يطرأ على الوجوب بعد إثبات إطلاقه ، بدليل انّ التعليق حكم ، وموضوعه ، هو وجوب الإكرام ، وهذا الموضوع ، ينبغي معاملته كأيّ موضوع آخر ، فمثلا في قوله : أحلّ الله البيع ، فإنّ الموضوع هو البيع ، وهذا الموضوع ، يدور أمره ، بين المطلق ، والمقيّد ، فنثبت إطلاقه بمقدمات الحكمة ، وبعد إثبات إطلاقه ، يجعل موضوعا للحكم.
ومحل كلامنا من هذا القبيل ، فإنّ وجوب الإكرام ، موضوع للتعليق ، فإذا دار أمر هذا الموضوع بين المطلق ، والمقيّد فإنّا نثبت إطلاقه بمقدمات الحكمة ، وحينئذ يثبت انّ موضوع التعليق ، هو الوجوب المطلق للإكرام ، فيكون التعليق طارئا على الوجوب المطلق.
وبهذا يتبيّن صحة الدعوى الأولى.
إلّا أنّ هذا الكلام غير تام ، أمّا أولا ، فإنّ هناك فرقا بين الموضوعين ، فالبيع ، وهو الموضوع في قوله تعالى ، (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ،) لا يمكن أن يراد به طبيعة البيع الجامعة بين البيع المطلق ، والبيع المقيّد ، باعتبار انّه لا وجود مستقل لهذه الطبيعة مع قطع النظر عن حصتيها ، ومعه لا يعقل أن تكون موضوعا للحكم الشرعي.
وحينئذ ، فيدور الأمر ، بين أن يكون المراد ، هو البيع المطلق ، أو البيع المقيّد ، وبمقدمات الحكمة نثبت كون المراد ، هو البيع المطلق.
وهكذا ، بالنسبة لكل موضوع لا يعقل بقاؤه على الجامع.
وأمّا الموضوع في محل الكلام ، وهو وجوب الإكرام ، فلا يدور أمره بين المطلق والمقيّد فقط ، بل هناك طرف ثالث ، وهو أن يكون المقصود به مطلق الوجوب الجامع بين المطلق والمقيّد ، وهذا الجامع ، وإن لم يكن له وجود مستقل عن حصّتيه ، إلّا انّه يعقل أن يجعل موضوعا للتعليق ولا محذور فيه.
وحينئذ ، فمقدّمات الحكمة ، تعيّن هذا الطرف الثالث ، لأنّه أوسع