قلنا : ما ذكر من انّ الثابت بالمنطوق هو الذي ينفى بالمفهوم ، صحيح إلّا أنّا نقول ، انّ الثابت بالمنطوق ، والمعلّق على الشرط هو مطلق وجوب الإكرام ، وهذا له حصتان كما عرفت سابقا ، إحداهما ، الوجوب المطلق ، والثانية ، الوجوب المقيد ، وحينئذ ، فبانتفاء الشرط ، ينتفي الجامع ، وانتفاء الجامع لا يكون إلّا بانتفاء كلتا حصتيه ، وأمّا إذا وجد الشرط فحينئذ يوجد الجامع ، ووجود الجامع ، يتحقق ولو في ضمن إحدى حصصه ، فالذي أثبته المنطوق هو عين ما نفاه المفهوم ، وهو الجامع.
فإن قيل : انّ وجود الشرط يقتضي وجود الجامع بين المطلق والمقيد ، وحينئذ ، فما هو المعيّن لهذه الحصة؟.
قلنا ، المعيّن لها ، هو مقدمات الحكمة ، فإنّها تقتضي تحقق الجامع في ضمن حصته المطلقة ، ومقدمات الحكمة هذه ، لا بدّ وان تكون في طول التعليق كما عرفت.
٣ ـ التنبيه الثالث : إذا فرض عموم الجزاء كما في قوله ، «إذا رزقت مالا فتصدق به ، على كل الفقراء» ، ففي مثله ، يقع الكلام في مرحلتين :
أ ـ المرحلة الأولى : مرحلة الثبوت ، وفي هذه المرحلة ، يوجد عندنا ثلاث احتمالات.
أ ـ الاحتمال الأول : هو ان يكون المعلّق على الشرط هو نفس العموم ، أي بما هو صفة ، وفي مثله ، يكون المفهوم مقتضيا لانتفاء العموم عند انتفاء الشرط ، فيكون المنفي هو وجوب الإكرام بنحو العموم ، وهذا لا ينافي وجوب إكرام بعض الأفراد.
ب ـ الاحتمال الثاني : هو أن يكون المعلّق على الشرط ، ذات العام ، أي نفس الأفراد ، على نحو ، تكون ملحوظة بنحو العموم الاستغراقي ، وفي مثله : المفهوم يقتضي انتفاء الحكم بوجوب الإكرام عن سائر الأفراد ، فيكون المفهوم مقتضيا للسالبة الكليّة.