وأمّا إذا ورد مثل هذا القيد ، لكن لا بلسان الجملة الشرطيّة ، كما لو قيل «أكرم زيدا عند مجيئه» ، ففي مثله لم يدّع أحد ممّن قال بمفهوم الشرط ، بثبوت المفهوم لمثل هذه الجملة في مقام التطبيقات الفقهية ، والوجدان العرفي قاض بما تسالموا عليه ، فلا كلام من هذه الجهة.
وإنما الكلام ، في بيان الفرق بين هاتين الجملتين ، وكل دليل أريد به إثبات مفهوم الشرط ولم يكن متضمنا لإبراز الفرق بين هاتين الجملتين ، يكون بنفسه نقضا على صاحب هذا الدليل ، فمثلا الميرزا «قده» ، حاول إثبات مفهوم الشرط ، بالتمسك بالإطلاق في مقابل العطف ، «بأو» ، كما عرفت ، حيث ذكر انّ السبب منحصر بالقيد المذكور في الجملة بمقتضى ذلك الإطلاق ، وهذا الكلام لو كان صحيحا لكان مثبتا للمفهوم حتى في مثل «أكرم زيدا عند مجيئه» ، لأنّه يقال بأنّ مقتضى الإطلاق ، هو كون السبب منحصر بهذا القيد ، فمن هنا يعلم انّ هذا الدليل الذي ذكره يكون نقضا عليه ، لأنه لم يلتزم بالمفهوم في مثل هذه الجملة.
وتوضيح الفرق بين هاتين الجملتين هو : إنّا قد ذكرنا سابقا انّ الركن الثاني لمفهوم الشرط ، هو كون المعلّق على الشرط طبيعي الحكم ، لا شخصه ، وإثبات ذلك يكون بإجراء مقدمات الحكمة ، وإجراؤها ، يتوقف على شروط.
أحدها : أن يكون المدلول التصديقي بإزاء النسبة الربطيّة لا بإزاء جملة الجزاء ، وكونه بإزاء النسبة الربطيّة ، موقوف على كون النسبة الربطيّة نسبة تامة ، والنسبة الربطيّة في الجملة الشرطيّة نسبة تامة ، لأنّ المقصود منها الربط بين الشرط والجزاء في عالم الحكم ، وأفق هذا العالم هو الذهن ، وكلّ نسبة كان موطنها الأصلي هو الذهن ، تكون تامة ، وحينئذ يكون المدلول التصديقي بإزاء هذه النسبة التامة ، ويتمحض الجزاء في المدلول التصوري ، ومعه يمكن إجراء مقدمات الحكمة لإثبات انّ المعلّق على الشرط ، هو طبيعي الجزاء لا شخصه ، وبذلك يثبت المفهوم.