وأمّا عدم صحة السكوت على قولنا ، «زيد وعمرو» ، فليس ذلك من جهة قصور في نسبة العطف ، فإنّ نسبة العطف قائمة بدورها المطلوب ، وهو إشراك المعطوف مع المعطوف عليه في السياق الذهني ، وإنّما القصور في نفس السياق الذهني ، لأنّ السياق الذهني هنا هو مجرد الإحضار والتصور ، وهذا يوجب عدم صحة السكوت على هذا الكلام.
والخلاصة هي : انّ هذه النتيجة ، وإن كانت صحيحة ، إلّا انّ إبطال الاحتمال الأول المشترك مع الاحتمال الثالث في النتيجة ، مبني على كون العطف معنى حرفيا ونسبة ناقصة.
وأمّا إذا قلنا بانّه نسبة تامة لكونه نسبة غير خارجية ، بل هو نسبة ذهنيّة موطنها الذهن ، من أجل إخطار المعنى الآخر إلى الذهن ، وتشريكه في الحكم ، فحينئذ ، لا يتم الكلام المزبور والنقض الملحوظ في قولنا : «زيد ، وعمرو» ، وليس هذا من ناحية نقصان نسبة العطف ، وإنّما من جهة عدم وجود حكم يشرّك به «زيد وعمرو» في الكلام ، كما يشهد لذلك صحة عطف الجملة على الجملة ، وعليه ، فيرجع العطف لبا إلى تشريك الحكم الثاني مع الحكم الأول في التعليق ، فكأنه كرّر الشرط ، فقال : «إذا رزقت ولدا فتصدق ، وإذا رزقت ولدا فصلّ ركعتين» ، وقد يكون هذا هو المنشأ الفطري لما يقال ، من انّ العطف في قوة التكرار.
ومن هنا ، يعرف اشتراك الاحتمال الأول والثالث في نتيجة واحدة ، لكون المحقق في المعنى الحرفي ، كون العطف نسبة ذهنية تامة ، وحينئذ لا يتصور أكثر من احتمال واحد ، وهو تشريك الحكمين والجزاءين في التعليق ، كما لو كرّر ، كما عرفت.
٥ ـ التنبيه الخامس : وهو فيما إذا ورد قيد على هيئة الأمر بلسان الجملة الشرطيّة كما في قولنا : «إذا جاء زيد فاكرمه» ، فلا إشكال في ثبوت المفهوم لمثل هذه الجملة كما عرفت.