استدراك على التنبيه الخامس ،
لتوضيح النقاط المذكورة فيه.
فإنه قد يقال : إنّا ذكرنا انّ مفاد كلمة «عند مجيئه» ، نسبة ناقصة ، وإذا كان يوجد نسبة تامة في قولنا «أكرم زيدا عند مجيئه» ، فإنّ هذه التماميّة من شئون هيئة أكرم ، وإلّا فكلمة «عند مجيئه» لا تتضمن إلّا نسبة ناقصة.
وحينئذ يقال : إنّه يستشكل في تخريج ذلك ، بناء على ما ذكرناه من الضابط للنسبة التامة والنسبة الناقصة ، حيث ذكرنا انّ النسبة التامة هي التي يكون موطنها الأصلي هو الذهن ، والناقصة هي التي يكون موطنها الأصلي هو الخارج.
والإشكال هو أن يقال : انه في قولنا «اكرم زيدا عند مجيئه» ، نريد أن نربط ، بين وجوب الإكرام ، والمجيء ، ومن المعلوم ، انّ وجوب الإكرام ، من موجودات النفس والذهن ، وحينئذ ، تكون النسبة تامة ، لأنّ موطنها الأصلي هو الذهن ، وتخرج عن كونها ناقصة ، باعتبار انّ أحد طرفيها ذهني.
وجوابه : انّ ما ذكرناه من الضابط ، ينطبق على محل الكلام ، بحيث يثبت به انّ هذه النسبة ناقصة.
وتوضيحه : إنّا لا نقصد بعالم الذهن ، عالم النفس بخصوصه ، بل نقصد به ما وراء الذهن ، سواء كان نفسيا أو خارجا ، حيث انّه لكل كلام مدلول بالذات ، وهو عبارة عن المفهوم الذهني الذي يخطر في الذهن عند سماع اللفظ ، وهذا هو المدلول التصوري للكلام ، ومدلول بالعرض ، وهو عبارة عن مصداق المدلول بالذات ، وهذا المدلول خارج عن عالم المفاهيم