تقديم المنطوق على المفهوم ، باعتبار انّ المنطوق أقوى ، لأنّه أخصّ من المفهوم ، إذ انّ مفهوم «الجدران» يدل على انّه إذا لم تخف الجدران فلا تقصّر ، سواء خفي «الآذان» أم لا ، وأمّا منطوق «الآذان» ، فيدل على انّ خفاء «الآذان» موجب للتقصير فقط ، وهذا أخصّ من الأول كما هو واضح ، وكذلك الحال بالنسبة لمفهوم «الآذان» ، مع منطوق «الجدران».
وحينئذ ، نقول : انّ هذا الذي أفاده ، إنّما يتم لو كانت العليّة التامة للشرط ، مستفادة من الوضع بواسطة مقدمات الحكمة.
لكن الصحيح ، وفاقا للسيد الخوئي والميرزا ومشهور المحققين «قده» ، هو انّ الجملة الشرطيّة ، لا تدل على العليّة التامة بالوضع ، وإنّما يستفاد ذلك من إطلاق الترتب فيها ، هذا الإطلاق الذي يسميه الميرزا «قده» بالإطلاق المقابل للتقييد «بالواو».
إذن فالعليّة التامة ، مستفادة من إطلاق الترتب ، والنسبة بين إطلاق الترتب ، وإطلاق المفهوم ، هي العموم من وجه ، لا العموم والخصوص المطلق ، وذلك لاجتماعهما في مادة ، وافتراق كل منهما في مادة أخرى.
فمادة الاجتماع ، هي فيما إذا لاحظنا مفهوم «الجدران» مع منطوق «الآذان» ، كما لو خفي «الآذان» ، ولم تخف «الجدران» ، فمقتضى إطلاق الترتب في منطوق «الآذان» ، هو وجوب التقصير ، ومقتضى إطلاق مفهوم «الجدران» ، هو عدم وجوب التقصير ، فيتعارضان في مثل ذلك.
ومادة افتراق إطلاق الترتب في منطوق «الآذان» هو فيما إذا خفي «الآذان والجدران» معا ، فمنطوق «الآذان» يدل على وجوب التقصير ، ومفهوم «الجدران» لا يدل على عدم الوجوب ، باعتبار خفاء «الجدران» فلا تعارض ، ومادة افتراق مفهوم الجدران ، هو فيما إذا لم يتحقّق كلا الشرطين ، بأن لم يخف «الآذان» ولا «الجدران» ، فمفهوم «الجدران» يقتضي عدم وجوب القصر ، إلا انّ منطوق «الآذان» لا يدل على وجوب القصر ، لعدم خفاء «الآذان» ، فلا تعارض بينهما.