والإضراب ونحوهما في اللغة ، فهي نسب ثانوية ذهنية وليست أوّليّة خارجية كي تكون ناقصة ، وحينئذ يعقل إجراء مقدمات الحكمة والإطلاق في طرفها ، وهو الحكم ، لإثبات ان طرفها الذي أخرج منه المستثنى ، هو طبيعي الحكم لا شخصه ، والمفروض دلالته وضعا على الحصر ، وبذلك يتم كلا ركني المفهوم.
فإن قيل : لو كانت النسبة الاستثنائية تامة ، لكانت الجملة المشتملة على المستثنى والمستثنى منه فقط جملة تامة ، كما في قوله : «العلماء إلّا الفساق» ، فإنّ هذه الجملة مشتملة على النسبة الاستثنائية ، ولو كانت تامة ، لكانت هذه الجملة تامة ، مع انّه لا إشكال في كونها جملة غير تامة ، لعدم صحة السكوت عليها.
قلنا : إنّ النسبة الاستثنائية تامة ، إلا انّ أطرافها ثلاثة ، المستثنى منه ، والمستثنى ، ومستثنى بلحاظه ، فإنّ استثناء الفسّاق من العلماء ، ليس المقصود به استثناء الفسّاق من العلماء بما هم علماء ، وإلّا لكان ذلك دالا على انّ الفساق ليسوا بعلماء ، بل المقصود استثناؤهم من العلماء بلحاظ الحكم ، وهو ، «وجوب الإكرام» ، وعليه ، فوجوب الإكرام طرف للنسبة الاستثنائية أيضا ، فما لم يؤت به لا تكون النسبة مستوفية لأطرافها ، فنقصانها من هذه الجهة ، لا من جهة عدم كون النسبة الاستثنائية نسبة تامة.
وإن شئت قلت : انّ عدم التماميّة هنا ، ليس باعتبار نقصان النسبة نفسها ، بل باعتبار عدم ذكر أطرافها ، فإنّ الاستثناء والاقتطاع فرع وجود حكم مسبق ، فلا معنى له من دون سبق حكم في الجملة.
وإن شئت قلت : إنّ مجرد تماميّة النسبة لا يكفي لإجراء مقدمات الحكمة وإثبات الركن الثاني ، بل لا بدّ من أن نثبت ، انّ هذه النسبة ذات مدلول تصديقي ، لأنّ الإطلاق الحكمي مرجعه إلى اصالة التطابق بين ما هو موضوع للمدلول التصوري وما هو موضوع للمدلول التصديقي ، وعليه : فلا بدّ من إثبات كون هذه النسبة ذات مدلول تصديقي.