كان مقتضيا لخلاف الامارة إلّا ان هذه الدلالة لا توجب حكومتها عليه ، لأنّ هذه الدلالة ناشئة من تنافي المدلولين فانّه يقتضي أن يكون دليل أحدهما دالّا على نفي الآخر كما سيأتي هذا إن شاء الله تعالى في مبحث التعارض.
ومثلها لا تكون حكومة مهمّمة ولا مخصّصة وإلّا فهي حاصلة بدليل الاستصحاب أيضا ، فانّه يدل على نفي الامارة التي على خلافه بالالتزام ، ومع ذلك لا يكون الاستصحاب حاكما على الامارة بالاتفاق فالنفي لا يوجب حكومة كما لا يخفى ، ولأجل هذه اللطيفة والنكتة أمر المصنّف قدسسره بالدقّة والفهم بقوله : فافهم.
قوله : وأمّا التوفيق فان كان بما ذكرنا فنعم الاتفاق ...
أراد القائل بالتوفيق بين دليل الامارة ودليل الاستصحاب الجمع العرفي بينهما لا بنحو الورود ولا بنحو الحكومة.
ومنه لا يحسن قول المصنّف قدسسره : فإن كان بما ذكرنا ، إذ الذي ذكره هو الورود.
أمّا المصنّف قدسسره فقد قال : فان كان التوفيق بين دليل الامارة ودليل الاستصحاب بنحو الورود ، أي بنحو ورود دليل الامارة على دليل الاستصحاب فهذا نعم التوفيق.
وإن كان المراد منه هو التخصيص ، أي تخصيص دليل الاستصحاب بواسطة دليل الامارة كما خصّص العام بالخاص المتصل ، أو المنفصل من باب الجمع العرفي كما إذا قال المولى لعبده : أكرم العلماء ، ثم قال : لا تكرم الفسّاق من العلماء ، فيتعارضان في إكرام العلماء الفسّاق ، ويخصّص العام وهو العلماء بالخاص وهو العلماء الفسّاق من باب تقدّم الأظهر وهو الخاص على الظاهر وهو العام عند أهل العرف وهذا التقدّم يسمّى بالجمع العرفي.
وكذا قال المولى : لا تنقض اليقين بالشك ، ثم قال : إلّا إذا قامت الامارة على تعيين الحكم ، أو الموضوع ومع قيامها أنقض اليقين. ولكن قال المصنّف قدسسره : لا وجه