بسبب اليقين بالطهارة الظاهرية لا بالشك ، كما لا يخفى.
فيكون المقام كما لو علم بنجاسة الثوب مثلا ، ثم قامت الامارة ، أي البينة على طهارته فانه لا ريب في لزوم الأخذ بالبينة ، لما تقدم في بحث حجية الاخبار وكذا لما تقدم في مبحث حكومة الامارة ، أو ورودها على الاستصحاب وعلى سائر الاصول العملية على اختلاف الرأيين من أن الامارة لما كانت موجبة لليقين بالطهارة الظاهرية لكان رفع اليد عن اليقين بنجاسة الثوب بسبب اليقين بالطهارة الظاهرية ، وهذا واضح.
فإن قيل : فلم يجر الاستصحاب في نجاسة الثوب ولا يجري في طهارة الماء؟
قلنا : يلزم تخصيص دليل الاستصحاب من غير مخصص وهو ممتنع.
فالنتيجة : ان الأخذ بجانب السببي لا يلزم منه محذور سوى نقض اليقين باليقين ، وهو ليس بممنوع ، بخلاف الأخذ بجانب المسببي ، فيلزم منه اما التخصيص بلا مخصص ، واما يلزم الدور ، وكلاهما ممنوعان ، ففي المثال المتقدم إذا أخذنا باستصحاب طهارة الماء وبنينا على طهارة الثوب المغسول به فلا يلزم منه شيء سوى نقض اليقين السابق بنجاسة الثوب باليقين بطهارته ، أي بطهارة الظاهرية الناشئة من استصحاب طهارة الماء ، ومن الواضح أن هذا ليس بممنوع أصلا ، وأما إن أخذنا باستصحاب نجاسة الثوب المغسول بماء قد شك في بقاء طهارته ، فان رفعنا اليد عن استصحاب طهارة الماء بدون ما يخرجه عن تحت دليل الاستصحاب فهذا تخصيص بلا مخصص ، أي لا تنقض اليقين بالشك إلّا إذا غسل به ثوب المتنجس ، وهذا الاستثناء ليس بموجود في أخبار الباب في طهارة الماء.
وإن رفعنا اليد عن استصحاب طهارة الماء لأجل كون استصحاب نجاسة الثوب مخصصا لاستصحاب طهارة الماء ، أي لا تنقض اليقين بالشك إلّا في صورة