ومن هنا يظهر لك الوجه في سند اصالة الصحة ، إذ سندها هو الآيات والاخبار ، ومن الآيات قوله تعالى : (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(١) أي لا تقولوا إلّا خيرا ، وقوله تعالى : (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)(٢) أي السوء إثم وإلّا لم يكن شيء من الظن إثما كما لا يخفى.
ومن الأخبار قول الصادق عليهالسلام لمحمد بن الفضل رحمهالله : «يا محمّد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة انه قال ، وقال لم أقل فصدّقه وكذّبهم» أي صحة عمل الغير هذا مضافا إلى ما ادعاه شيخنا الانصاري قدسسره من الاجماع القولي والعملي عليها ، وانه لولاها لاختل نظام المعاد والمعاش ، ولا يخفى ان الفرق بين قاعدة التجاوز وبين قاعدة الفراغ موردا هو ان الاولى تجري في حال الاشتغال ، فالمراد صحة جريانها حال الاشتغال في العمل ، والثانية تجري بعد الفراغ من العمل ، أو تكون الاولى اعم من الثانية ، إذ الاولى تجري حال الاشتغال وبعد الفراغ ، والثانية تجري بعد الفراغ فقط.
قوله : إلى غير ذلك من القواعد المقررة في الشبهات الموضوعية ...
كقاعدة اليد ، وقاعدة سوق المسلمين وقاعدة أرض المسلمين ، وقاعدة الطهارة ، وقاعدة الحلية وغيرها من القواعد المقررة في الشبهات الموضوعية الجارية فيها. وكل هذه القواعد تقدم على الاستصحاب الذي تكون في مواردها إلّا القرعة ، وسيأتي البحث فيها ان شاء الله تعالى.
مثلا : إذا شك المكلف في اتيان القراءة بعد الركوع ، فاستصحاب عدم اتيانها يقتضي فساد الصلاة ، إذ لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ، ولكن قاعدة التجاوز عن محل تدارك المشكوك فيه تقتضي صحتها. وكذا إذا شكّ في اتيان الركوع بعد ما سجد
__________________
١ ـ سورة البقرة آية ٨٣.
٢ ـ سورة الحجرات آية ١٢.