الشاذ النادر بان المجمع عليه مما لا ريب فيه وهذا يدل على أن المناط في الترجيح قلة الشك وندرة خلاف الواقع في الخبر ، إذ ليس الخبر المشهور مما لا ريب فيه حقيقة بل يكون بالاضافة إلى الخبر الذي ليس بمشهور مما لا ريب فيه فعلم ان كل خبر يكون فيه احتمال خلاف الواقع أقل من الخبر الذي يعارضه فهو مقدم على الآخر وراجح عليه ولو كان فيه الف ريب مثلا.
الثالث : أنه يدل تعليل ترجيح الروايات التي تخالف العامة بأن الرشد في خلافهم ويستفاد من هذا التعليل ترجيح كل خبر يكن أقرب إلى الواقع من الآخر بالتعدي فالقائل قد استدل بهذه الوجوه الثلاثة على مدعاه.
قوله : ولا يخفى ما في الاستدلال بها ...
لمّا اختار المصنف قدسسره التخيير الاستمراري في صورة تعارض الخبر فقد شرع في ردّ الوجوه التي قد استدل القائل بالتعدي عن المرجحات المنصوصة إلى غيرها. وقال : ان هذه الوجوه محل اشكال.
وأما بيان اشكال الوجه الأول فهو ان كون الأصدقيّة والاوثقية ونحوهما مرجحا يكون من جهة كونها طريقة إلى الواقع وكاشفة عنه وهذا يوجب توهم كون كل شيء يكون أقرب إلى الواقع مرجحا ويكون مقدما والحال أنه لا شك في ان مجرد كاشفية شيء عن الواقع ومجرد أقربيته اليه لا يوجبان ترجيحا ، إذ نحتمل احتمالا قويا ان تكون الأصدقيّة والاوثقية دخيلين في الكاشفية والاقربية ولكن لا يكون غيرهما مرجحا ، إذ ليس لهذا الغير خصوصية في الأصدقيّة والاورعية.
وبالجملة مجرد جعل الأصدقيّة في المقبولة ، والاوثقية في المرفوعة مرجحا مما لا يوجب القطع بأن المناط في جعلهما مرجحا هو محض الاقربية إلى الواقع حتى يتعدى منهما إلى كل ما يوجب الاقربية إلى الواقع وكي يرفع اليد عن اطلاقات التخيير بحيث تحمل على صورة التساوي من جميع الجهات ومن تمام