أي استصحاب المستصحب ، كما في استصحاب عدم التكليف. فإنّه وإن لم يكن بحكم مجعول شرعا في الأزل ولا موضوع ذي حكم شرعي ، إذ عدم التكليف في الأزل عبارة عن البراءة الأصلية التي هي مسببة عن قبح العقاب بلا بيان وهي ليست بحكم مجعول شرعا.
إلّا أنّه حكم مجعول شرعا فيما لا يزال ، أي في المستقبل وهو زمان استصحابه وهو عبارة عن زمان الشك في بقائه وارتفاعه فانّه لا بد أن يكون حينئذ حكما شرعيا وإلّا امتنع الشك في بقائه وهذا ظاهر لأنّ المستصحب إن لم يكن حكما شرعيا ولا موضوعا ذا حكم شرعي لكان التعبّد ببقائه من قبل الشارع المقدّس لغوا جدا ، إذ لا معنى لجريان الاستصحاب في ظرف الشك في البقاء إلّا ترتيب الأثر الشرعي على المستصحب وإلّا تلزم اللغوية في التعبّد بالاستصحاب كما لا يخفى.
فعدم التكليف قبل البلوغ وفي زمان اليقين ليس بحكم شرعي ، وفي زمان الشك والبقاء هو حكم شرعي لما عرفته في التنبيه الثامن من ان نفي الحكم كثبوته يكون بيد الشارع المقدّس ، فكل شيء يكون أمره بيد الشارع المقدّس ينطبق على كل واحد من الأحكام المجعولة ينطبق أيضا على عدمها ونفيها لأنّ نسبة القدرة إلى الوجود والعدم نسبة واحدة ولذا قيل في تعريف القادر إن شاء فعل وإن شاء ترك. وعليه فلا يكون الوجود مقدورا إلّا والعدم مثله.
غاية الأمر ان العدم ليس بمجعول شرعا ولا يسمّى حكما شرعيا كما كان الوجود مجعولا ويسمّى حكما من الأحكام الشرعية وكذا استصحاب موضوع لم يكن له في الأزل حكم ثبوتا ، أي في حال اليقين بالمستصحب ، وذلك كاستصحاب حياة الولد إلى حين وفاة والده فإنّ حياة الولد في زمان اليقين بحياة الوالد لم تكن موضوعا للارث فليس له حينئذ حكم لأنّ حياة الولد كانت في زمان حياة الوالد